في دعواه إذا علم من نفسه أنه لو أيقن أن الله يدخله بطاعته النار وبمعصيته الجنة يختار الطاعة ويترك المعصية تقربا إليه تعالى، وأين عامة الخلق من هذه الدرجة القصوى والمنزلة العليا؟) انتهى.
و (ثانيا) - أن العبادة الواقعة على ذلك النحو بأمره تعالى، لما عرفت من الآيات والروايات، وطالبها طالب لرضاه وهارب من سخطه، فهو المقصود بها عند التحقيق.
و (ثالثا) - أنه سبحانه قد ندب في غير موضع إلى التجارة عليه ووعد بالجزيل من ثوابه لمن قصد بذلك إليه.
فقال جل شأنه. (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة) (1) (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا) (2).
(.. لئن شكرتم لأزيدنكم، ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) (3).
وفي جملة من الأخبار (4) إن الله تعالى قال: (إن من عبادي من يتصدق بشق تمرة فأربيها له كما يربي أحدكم فلوه وفصيله، فيأتي يوم القيامة وهو مثل جبل أحد وأعظم من أحد).
إلى غير ذلك من الآيات والروايات الدالة على وعده سبحانه بالثواب في مقابلة تلك الأعمال ترغيبا لهم.
ومن سرح يريد النظر في الكتاب والسنة وجدهما مملوءين من الترغيب في مقام الطاعات بالجنان المزخرفة بالحور الحسان والولدان، والترهيب في مقام المخالفة والعصيان بأهوال الحساب وشدائد يوم المآب وعذاب النيران، وسر ذلك أنما هو كونهما باعثين على الفعل وجوبا أو عدما، ومتى كان كذلك كان قصدهما صحيحا