وذهب مجاهد إلى أن الكفارة تجب بمجرد الظهار، ولا يعتبر العود (1).
والدليل على بطلان قول مجاهد: إن الله تعالى جعل العود شرطا في وجوب الكفارة، فقال تعالى: (والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة) (2) فشرط العود (3) فمن أسقطه أسقط نصف الآية.
وأما الذي يبطل مذهب مالك وأحمد في أن العود هو العزم على الوطء: فهو أن موجب الظهار هو تحريم الوطء لا تحريم العزيمة، فيجب أن يكون العود هو الاستباحة، ولا يكون العود هو العزيمة، على أن العزيمة لا تأثير لها في سائر الأصول ولا تتعلق بها الأحكام ولا وجوب الكفارات، ولأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " إن الله تعالى عفا لأمتي عما حدثت به نفوسها ما لم يتكلموا به، أو يعملوا به " (4).
وأما الذي يدل على فساد قول من ذهب إلى أن العود هو الوطء: فهو ظاهر الكتاب، لأن الله تعالى قال: (فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا) (5) فلو كان العود هو الوطء لما أمر بإخراج الكفارة قبله.
فأما الذي يبطل مذهب الشافعي في أن العود هو إمساكها على النكاح: فهو أن الظهار لا يوجب تحريم العقد وترك الفرقة وإمساك المرأة، فيكون العود هو إمساكها على النكاح، لأن العود إنما يقتضي الرجوع إلى أمر يخالف موجب الظهار، فدل ذلك على أن العود هو استباحة الوطء ورفع ما حرمه الظهار منه.
وأيضا قوله تعالى: (ثم يعودون لما قالوا) (6) ولفظ " ثم " يقتضي التراخي فمن جعل .