النهى عن المثلة هذا الحديث ينسخ كل مثلة وتعقبه ابن الجوزي بأن ادعاء النسخ يحتاج إلى تاريخ (قلت) يدل عليه ما رواه البخاري في الجهاد من حديث أبي هريرة في النهى عن التعذيب بالنار بعد الاذن فيه وقصة العرنيين قبل اسلام أبي هريرة وقد حضر الاذن ثم النهى وروى قتادة عن ابن سيرين ان قصتهم كانت قبل ان تنزل الحدود ولموسى بن عقبة في المغازي وذكروا ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى بعد ذلك عن المثلة بالآية التي في سورة المائدة والى هذا مال البخاري وحكاه امام الحرمين في النهاية عن الشافعي واستشكل القاضي عياض عدم سقيهم الماء للاجماع على أن من وجب عليه القتل فاستسقى لا يمنع وأجاب بان ذلك لم يقع عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم ولا وقع منه نهى عن سقيهم انتهى وهو ضعيف جدا لان النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك وسكوته كاف في ثبوت الحكم وأجاب النووي بان المحارب المرتد لا حرمة له في سقى الماء ولا غيره ويدل عليه ان من ليس معه ماء الا لطهارته ليس له ان يسقيه للمرتد ويتيمم بل يستعمله ولو مات المرتد عطشا وقال الخطابي انما فعل النبي صلى الله عليه وسلم بهم ذلك لأنه أراد بهم الموت بذلك وقيل إن الحكمة في تعطيشهم لكونهم كفروا نعمة سقى ألبان الإبل التي حصل لهم بها الشفاء من الجوع والوخم ولان النبي صلى الله عليه وسلم دعا بالعطش على من عطش آل بيته في قصة رواها النسائي فيحتمل ان يكونوا في تلك الليلة منعوا ارسال ما جرت به العادة من اللبن الذي كان يراح به إلى النبي صلى الله عليه وسلم من لقاحه في كل ليلة كما ذكر ذلك ابن سعد والله أعلم (قوله قال أبو قلابة فهؤلاء سرقوا) أي لانهم أخذوا اللقاح من حرز مثلها وهذا قاله أبو قلابة استنباطا (قوله وقتلوا) أي الراعي كما تقدم (قوله وكفروا) هو في رواية سعيد عن قتادة عن أنس في المغازي وكذا في رواية وهيب عن أيوب في الجهاد في أصل الحديث وليس موقوفا على أبى قلابة كما توهمه بعضهم وكذا قوله وحاربوا ثبت عند أحمد من رواية حميد عن أنس في أصل الحديث وهربوا محاربين وستأتى قصة أبى قلابة في هذا الحديث مع عمر بن عبد العزيز في مسئلة القسامة من كتاب الديات إن شاء الله تعالى وفى هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم قدوم الوفود على الامام ونظره في مصالحهم وفيه مشروعية الطب والتداوي بالبان الإبل وأبوالها وفيه ان كل جسد يطب بما اعتاده وفيه قتل الجماعة بالواحد سواء قتلوه غيلة أو حرابة ان قلنا إن قتلهم كان قصاصا وفيه المماثلة في القصاص وليس ذلك من المثلة المنهى عنها وثبوت حكم المحاربة في الصحراء واما في القرى ففيه خلاف وفيه جواز استعمال أبناء السبيل ابل الصدقة في الشرب وفى غيره قياسا عليه بإذن الامام وفيه العمل بقول القائف وللعرب في ذلك المعرفة التامة (قوله أبو التياح) تقدم انه بالمثناة الفوقانية ثم التحتانية المشددة وآخره مهملة وهذا الحديث في الصلاة في مرابض الغنم تمسك به من قال بطهارة أبوالها وأبعارها قالوا لأنها لا تخلو من ذلك فدل على أنهم كانوا يباشرونها في صلاتهم فلا تكون نجسة ونوزع من استدل بذلك الاحتمال الحائل وأجيب بأنهم لم يكونوا يصلون على حائل دون الأرض وفيه نظر لأنها شهادة نفى لكن قد يقال إنها مستندة إلى أصل والجواب ان في الصحيحين عن أنس ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى على حصير في دارهم وصح عن عائشة انه كان يصلى على الخمرة وقال ابن حزم هذا الحديث منسوخ لان فيه ان ذلك كان قبل ان يبنى المسجد فاقتضى انه في أول الهجرة وقد صح عن عائشة ان النبي
(٢٩٤)