فرتعت (قوله ودخلت) وللكشميهني فدخلت بالفاء (قوله فلم ينكر ذلك على أحد) قيل فيه جواز تقديم المصلحة الراجحة على المفسدة الخفيفة لان المرور مفسدة خفيفة والدخول في الصلاة مصلحة راجحة واستدل ابن عباس على الجواز بعدم الانكار لانتفاء الموانع إذ ذاك ولا يقال منع من الانكار اشتغالهم بالصلاة لأنه نفى الانكار مطلقا فتناول ما بعد الصلاة وأيضا فكان الانكار يمكن بالإشارة وفيه ما ترجم له ان التحمل لا يشترط فيه كمال الأهلية وانما يشترط عند الأداء ويلحق بالصبى في ذلك العبد والفاسق والكافر وقامت حكاية ابن عباس لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وتقريره مقام حكاية قوله إذ لا فرق بين الأمور الثلاثة في شرائط الأداء فان قيل التقييد بالصبى والصغير في الترجمة لا يطابق حديث ابن عباس أجاب الكرماني بان المراد بالصغير غير البالغ وذكر الصبى معه من باب التوضيح ويحتمل أن يكون لفظ الصغير يتعلق بقصة محمود ولفظ الصبى يتعلق بهما معا والله أعلم وسيأتى باقي مباحث هذا الحديث في كتاب الصلاة إن شاء الله تعالى (قوله حدثنا محمد بن يوسف) هو البيكندي كما جزم به البيهقي وغيره وأما الفريابي فليست له رواية عن أبي مسهر وكان أبو مسهر شيخ الشاميين في زمانه وقد لقيه البخاري وسمع منه شيا يسيرا وحدث عنه هنا بواسطة وذكر ابن المرابط فيما نقله ابن رشيد عنه ان أبا مسهر تفرد برواية هذا الحديث عن محمد بن حرب وليس كما قال ابن المرابط فان النسائي رواه في السنن الكبرى عن محمد بن المصفى عن محمد بن حرب وأخرجه البيهقي في المدخل من رواية محمد بن جوصاء وهو بفتح الجيم والصاد المهملة عن سلمة بن الخليل وأبى التقى وهو بفتح المثناة وكسر القاف كلاهما عن محمد بن حرب فهؤلاء ثلاثة غير أبى مسهر رووه عن محمد بن حرب فكأنه المتفرد به عن الزبيدي وهذا الاسناد إلى الزهري شاميون وقد دخلها هو وشيخه محمود بن الربيع بن سراقة بن عمرو الأنصاري الخزرجي وحديثه هذا طرف من حديثه عن عتبان بن مالك الآتي في الصلاة من رواية صالح بن كيسان وغيره عن الزهري وفى الرقاق من طريق معمر عن الزهري أخبرني محمود (قوله عقلت) هو بفتح القاف أي حفظت (قوله مجة) بفتح الميم وتشديد الجيم والمج هو ارسال الماء من الفم وقيل لا يسمى مجا الا إن كان على بعد وفعله النبي صلى الله عليه وسلم مع محمود اما مداعبة معه أو ليبارك عليه بها كما كان ذلك من شأنه مع أولاد الصحابة (قوله وأنا ابن خمس سنين) لم أر التقييد بالسن عند تحمله في شئ من طرقه لا في الصحيحين ولا في غيرهما من الجوامع والمسانيد الا في طريق الزبيدي هذه والزبيدي من كبار الحفاظ المتقنين عن الزهري حتى قال الوليد بن مسلم كان الأوزاعي يفضله على جميع من سمع من الزهري وقال أبو داود ليس في حديثه خطأ وقد تابعه عبد الرحمن بن نمر عن الزهري ومن لفظه عند الطبراني والخطيب في الكفاية من طريق عبد الرحمن بن نمر وهو بفتح النون وكسر الميم عن الزهري وغيره قال حدثني محمود بن الربيع وتوفى النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس سنين فافادت هذه الرواية ان الواقعة التي ضبطها كانت في آخر سنة من حياة النبي صلى الله عليه وسلم وقد ذكر ابن حبان وغيره انه مات سنة تسع وتسعين وهو ابن أربع وتسعين سنة وهو مطابق لهذه الرواية وذكر القاضي عياض في الالماع وغيره أن في بعض الروايات انه كان ابن أربع ولم أقف على هذا صريحا في شئ من الروايات بعد التتبع التام الا إن كان ذلك مأخوذا من قول صاحب الاستيعاب انه عقل المجة وهو ابن أربع سنين أو خمس وكان
(١٥٧)