سوى روايتين فقط وكذا جزم القاضي (قوله فنفع الله بها) أي بالأخاذات وللاصيلى به أي بالماء (قوله وزرعوا) كذا له بزيادة زاي من الزرع ووافقه أبو يعلى ويعقوب بن الأخرم وغيرهما عن أبي كريب ولمسلم والنسائي وغيرهما عن أبي كريب ورعوا بغير زاي من الرعى قال النووي كلاهما صحيح ورجح القاضي رواية مسلم بلا مرجح لان رواية زرعوا تدل على مباشرة الزرع لتطابق في التمثيل مباشرة طلب العلم وإن كانت رواية رعوا مطابقة لقوله أنبتت لكن المراد انها قابلة للانبات وقيل إنه روى ووعوا بواوين ولا أصل لذلك وقال القاضي قوله ورعوا راجع للأولى لان الثانية لم يحصل منها نبات انتهى ويمكن ان يرجع إلى الثانية أيضا بمعنى ان الماء الذي استقر بها سقيت منه أرض أخرى فأنبتت (قوله فأصاب) أي الماء وللاصيلى وكريمة أصابت أي طائفة أخرى ووقع كذلك صريحا عند النسائي والمراد بالطائفة القطعة (قوله قيعان) بكسر القاف جمع قاع وهو الأرض المستوية الملساء التي لا تنبت (قوله فقه) بضم القاف أي صار فقيها وقال ابن التين رويناه بكسرها والضم أشبه قال القرطبي وغيره ضرب النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء به من الدين مثلا بالغيث العام الذي يأتي الناس في حال حاجتهم إليه وكذا كان حال الناس قبل مبعثه فكما ان الغيث يحيى البلد الميت فكذا علوم الدين تحيى القلب الميت ثم شبه السامعين له بالأرض المختلفة التي ينزل بها الغيث فمنهم العالم العامل المعلم فهو بمنزلة الأرض الطيبة شربت فانتفعت في نفسها وأنبتت فنفعت غيرها ومنهم الجامع للعلم المستغرق لزمانه فيه غير أنه لم يعمل بنوافله أو لم يتفقه فيما جمع لكنه أداه لغيره فهو بمنزلة الأرض التي يستقر فيها الماء فينتفع الناس به وهو المشار إليه بقوله نضر الله امرأ سمع مقالتي فأداها كما سمعها ومنهم من يسمع العلم فلا يحفظه ولا يعمل به ولا ينقله لغيره فهو بمنزلة الأرض السبخة أو الملساء التي لا تقبل الماء أو تفسده على غيرها وانما جمع في المثل بين الطائفتين الأولتين المحمودتين لاشتراكهما في الانتفاع بهما وأفرد الطائفة الثالثة المذمومة لعدم النفع بها والله أعلم ثم ظهر لي ان في كل مثل طائفتين فالأول قد أوضحناه والثاني الأولى منه من دخل في الدين ولم يسمع العلم أو سمعه فلم يعمل به ولم يعلمه ومثالها من الأرض السباخ وأشير إليها بقوله صلى الله عليه وسلم من لم يرفع بذلك رأسا أي أعرض عنه فلم ينتفع به ولا نفع والثانية منه من لم يدخل في الدين أصلا بل بلغه فكفر به ومثالها من الأرض الصماء الملساء المستوية التي يمر عليها الماء فلا ينتفع به وأشير إليها بقوله صلى الله عليه وسلم ولم يقبل هدى الله الذي جئت به وقال الطيبى بقى من أقسام الناس قسمان أحدهما الذي انتفع بالعلم في نفسه ولم يعلمه غيره والثاني من لم ينتفع به في نفسه وعلمه غيره (قلت) والأول داخل في الأول لان النفع حصل في الجملة وان تفاوتت مراتبه وكذلك ما تنبته الأرض فمنه ما ينتفع الناس به ومنه ما يصير هشيما واما الثاني فإن كان عمل الفرائض وأهمل النوافل فقد دخل في الثاني كما قررناه وان ترك الفرائض أيضا فهو فاسق لا يجوز الاخذ عنه ولعله يدخل في عموم من لم يرفع بذلك رأسا والله أعلم (قوله قال اسحق وكان منها طائفة قيلت) أي بتشديد الياء التحتانية أي ان اسحق وهو ابن راهويه حيث روى هذا الحديث عن أبي أسامة خالف في هذا الحرف قال الأصيلي هو تصحيف من اسحق وقال غيره بل هو صواب ومعناه شربت والقيل شرب نصف النهار يقال قيلت الإبل أي شربت في القائلة
(١٦١)