مرفوعة من حديث أبي سعيد عند أبي داود ومن حديث أنس وأبى امامة عند الدارقطني ومن حديث جابر عند الطبراني في الأوسط وفى اسناد كل منهما ضعف وروى سعيد بن منصور باسناد صحيح عن علي وعثمان وغيرهما نحو ذلك موقوفا (قوله قال الأعمش) هو مقول حفص بن غياث وليس بتعليق وهو نحو ما تقدم من رواية علي بن مسهر (قوله عن عائشة ذكر عندها) أي انه ذكر عندها وقوله الكلب إلى آخره فيه حذف وبيانه في رواية علي بن مسهر ذكر عندها ما يقطع الصلاة فقالوا يقطعها ورواه مسلم من طريق أبى بكر بن حفص عن عروة قال قالت عائشة ما يقطع الصلاة فقلت المرأة والحمار ولسعيد بن منصور من وجه آخر قالت عائشة يا أهل العراق قد عدلتمونا الحديث وكأنها أشارت بذلك إلى ما رواه أهل العراق عن أبي ذر وغيره في ذلك مرفوعا وهو عند مسلم وغيره من طريق عبد الله بن الصامت عن أبي ذر وقيد الكلب في روايته بالأسود وعند ابن ماجة من طريق الحسن البصري عن عبد الله بن مغفل وعند الطبراني من طريق الحسن أيضا عن الحكم بن عمرو نحوه من غير تقييد وعند مسلم من حديث أبي هريرة كذلك وعند أبى داود من حديث ابن عباس مثله لكن قيد المرأة بالحائض وأخرجه ابن ماجة كذلك وفيه تقييد الكلب أيضا بالأسود وقد اختلف العلماء في العمل بهذه الأحاديث فمال الطحاوي وغيره إلى أن حديث أبي ذر وما وافقه منسوخ بحديث عائشة وغيرها وتعقب بان النسخ لا يصار إليه الا إذا علم التاريخ وتعذر الجمع والتاريخ هنا لم يتحقق والجمع لم يتعذر ومال الشافعي وغيره إلى تأويل القطع في حديث أبي ذر بان المراد به نقص الخشوع لا الخروج من الصلاة ويؤيد ذلك ان الصحابي راوي الحديث سال عن الحكمة في التقييد بالأسود فأجيب بأنه شيطان وقد علم أن الشيطان لو مر بين يدي المصلى لم تفسد صلاته كما سيأتي في الصحيح إذا ثوب بالصلاة أدبر الشيطان فإذا قضى التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه الحديث وسيأتي في باب العمل في الصلاة حديث ان الشيطان عرض لي فشد على الحديث وللنسائي من حديث عائشة فأخذته فصرعته فخنقته ولا يقال قد ذكر في هذا الحديث انه جاء ليقطع صلاته لأنا نقول قد بين في رواية مسلم سبب القطع وهو انه جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهه وأما مجرد المرور فقد حصل ولم تفسد به الصلاة وقال بعضهم حديث أبي ذر مقدم لان حديث عائشة على أصل الإباحة انتهى وهو مبنى على أنهما متعارضان ومع امكان الجمع المذكور لا تعارض وقال أحمد يقطع الصلاة الكلب الأسود وفى النفس من الحمار والمرأة شئ ووجهه ابن دقيق العيد وغيره بأنه لم يجد في الكلب الأسود ما يعارضه ووجد في الحمار حديث ابن عباس يعنى الذي تقدم في مروره وهو راكب بمنى ووجد في المرأة حديث عائشة يعنى حديث الباب وسيأتي الكلام في دلالته على ذلك بعد (قوله شبهتمونا) هذا اللفظ رواية مسروق ورواية الأسود عنها أعدلتمونا والمعنى واحد وتقدم من طريق علي بن مسهر بلفظ جعلتمونا كلابا وهذا على سبيل المبالغة قال ابن مالك في هذا الحديث جواز تعدى المشبه به بالباء وأنكره بعض النحويين حتى بالغ فخطا سيبويه في قوله شبه كذا بكذا وزعم أنه لا يوجد في كلام من يوثق بعربيته وقد وجد في كلام من هو فوق ذلك وهى عائشة رضي الله عنها قال والحق انه جائز وإن كان سقوطها
(٤٨٦)