أتى (قوله وعمار لبنتين) زاد معمر في جامعه لبنة عنه ولبنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه جواز ارتكاب المشقة في عمل البر وتوقير الرئيس والقيام عنه بما يتعاطاه من المصالح وفضل بنيان المساجد (قوله فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فينفض) فيه التعبير بصيغة المضارع في موضع الماضي مبالغة لاستحضار ذلك في نفس السامع كأنه يشاهده وفى رواية الكشميهني فجعل ينفض (قوله التراب عنه) زاد في الجهاد عن رأسه وكذا لمسلم وفيه اكرام العامل في سبيل الله والاحسان إليه بالفعل والقول (قوله ويقول) أي في تلك الحال (ويح عمار) هي كلمة رحمة وهى بفتح الحاء إذا أضيفت فإن لم تضف جاز الرفع والنصب مع التنوين فيهما (قوله يدعوهم) أعاد الضمير على غير مذكور والمراد قتلته كما ثبت من وجه آخر تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى آخره وسيأتي التنبيه عليه فان قيل كان قتله بصفين وهو مع علي والذين قتلوه مع معاوية وكان معه جماعة من الصحابة فكيف يجوز عليهم الدعاء إلى النار فالجواب انهم كانوا ظانين أنهم يدعون إلى الجنة وهم مجتهدون لا لوم عليهم في اتباع ظنونهم فالمراد بالدعاء إلى الجنة الدعاء إلى سببها وهو طاعة الامام وكذلك كان عمار يدعوهم إلى طاعة على وهو الامام الواجب الطاعة إذ ذاك وكانوا هم يدعون إلى خلاف ذلك لكنهم معذورون للتأويل الذي ظهر لهم وقال ابن بطال تبعا للمهلب انما يصح هذا في الخوارج الذين بعث إليهم على عمارا يدعوهم إلى الجماعة ولا يصح في أحد من الصحابة وتابعه على هذا الكلام جماعة من الشراح وفيه نظر من أوجه أحدها ان الخوارج انما خرجوا على على بعد قتل عمار بلا خلاف بين أهل العلم بذلك فان ابتداء أمر الخوارج كان عقب التحكيم وكان التحكيم عقب انتهاء القتال بصفين وكان قتل عمار قبل ذلك قطعا فكيف يبعثه إليهم على بعد موته ثانيها ان الذين بعث إليهم على عمارا انما هم أهل الكوفة بعثه يستنفرهم على قتال عائشة ومن معها قبل وقعة الجمل وكان فيهم من الصحابة جماعة كمن كان مع معاوية وأفضل وسيأتى التصريح بذلك عند المصنف في كتاب الفتن فما فر منه المهلب وقع في مثله مع زيادة اطلاقه عليهم تسمية الخوارج وحاشاهم من ذلك ثالثها انه شرح على ظاهر ما وقع في هذه الرواية الناقصة ويمكن حمله على أن المراد بالذين يدعونه إلى النار كفار قريش كما صرح به بعض الشراح لكن وقع في رواية ابن السكن وكريمة وغيرهما وكذا ثبت في نسخة الصغاني التي ذكر أنه قابلها على نسخة الفربري التي بخطه زيادة توضح المراد وتفصح بان الضمير يعود على قتلته وهم أهل الشام ولفظه ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم الحديث * واعلم أن هذه الزيادة لم يذكرها الحميدي في الجمع وقال إن البخاري لم يذكرها أصلا وكذا قال أبو مسعود قال الحميدي ولعلها لم تقع للبخاري أو وقعت فحذفها عمدا قال وقد أخرجها الإسماعيلي والبرقاني في هذا الحديث (قلت) ويظهر لي ان البخاري حذفها عمدا وذلك لنكتة خفية وهى ان أبا سعيد الخدري اعترف انه لم يسمع هذه الزيادة من النبي صلى الله عليه وسلم فدل على انها في هذه الرواية مدرجة والرواية التي بينت ذلك ليست على شرط البخاري وقد أخرجها البزار من طريق داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد فذكر الحديث في بناء المسجد وحملهم لبنة لبنة وفيه فقال أبو سعيد فحدثني أصحابي ولم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية اه وابن سمية هو عمار وسمية اسم أمه وهذا الاسناد على شرط مسلم وقد عين أبو سعيد من حدثه بذلك
(٤٥١)