* (تنبيه) * في قوله الماء من الماء جناس تام والمراد بالماء الأول ماء الغسل وبالثاني المنى وذكر الشافعي ان كلام العرب يقتضى ان الجنابة تطلق بالحقيقة على الجماع وان لم يكن معه انزال فان كل من خوطب بان فلانا أجنب من فلانة عقل انه أصابها وان لم ينزل قال ولم يختلف ان الزنا الذي يجب به الجلد هو الجماع ولو لم يكن معه انزال وقال ابن العربي ايجاب الغسل بالايلاج بالنسبة إلى الانزال نظير ايجاب الوضوء بمس الذكر بالنسبة إلى خروج البول فهما متفقان دليلا وتعليلا والله أعلم (قوله عن هشام بن عروة قال أخبرني أبي) يعنى أباه عروة وهو واضح وانما نبهت عليه لئلا يظن أنه اسم نظير أبي بن كعب لكونه ذكر في الاسناد (قوله ما مس المرأة منه) أي يغسل الرجل العضو الذي مس فرج المرأة من أعضائه وهو من اطلاق الملزوم وإرادة اللازم لان المراد رطوبة فرجها (قوله ثم يتوضأ) صريح في تأخير الوضوء عن غسل الذكر زاد عبد الرزاق عن الثوري عن هشام فيه وضوءه للصلاة (قوله ويصلى) هو أصرح في الدلالة على ترك الغسل من الحديث الذي قبله (قوله قال أبو عبد الله) هو المصنف وقائل ذلك هو الراوي عنه (قوله الغسل أحوط) أي على تقدير ان لا يثبت الناسخ ولا يظهر الترجيح فالاحتياط للدين الاغتسال قوله الأخير) كذا لأبي ذر ولغيره الآخر بالمد بغير ياء أي آخر الامرين من الشارع أو من اجتهاد الأئمة وقال ابن التين ضبطناه بفتح الخاء فعلى هذا الإشارة في قوله وذلك إلى حديث الباب (قوله انما بينا لاختلافهم) وفى رواية كريمة انما بينا لاختلافهم وللاصيلى انما بيناه لاختلافهم وفى نسخة الصغاني انما بينا الحديث الآخر لاختلافهم والماء أنقى واللام تعليلية أي حتى لا يظن أن في ذلك اجماعا واستشكل ابن العربي كلام البخاري فقال ايجاب الغسل أطبق عليه الصحابة ومن بعدهم وما خالف فيه الا داود ولا عبرة بخلافه وانما الامر الصعب مخالفة البخاري وحكمه بأن الغسل مستحب وهو أحد أئمة الدين وأجلة علماء المسلمين ثم أخذ يتكلم في تضعيف حديث الباب بما لا يقبل منه وقد أشرنا إلى بعضه ثم قال ويحتمل أن يكون مراد البخاري بقوله الغسل أحوط أي في الدين وهو باب مشهور في الأصول قال وهو أشبه بامامة الرجل وعلمه (قلت) وهذا هو الظاهر من تصرفه فإنه لم يترجم بجواز ترك الغسل وانما ترجم ببعض ما يستفاد من الحديث من غير هذه المسئلة كما استدل به على ايجاب الوضوء فيما تقدم واما نفى ابن العربي الخلاف فمعترض فإنه مشهور بين الصحابة ثبت عن جماعة منهم لكن ادعى ابن القصار ان الخلاف ارتفع بين التابعين وهو معترض أيضا فقد قال الخطابي أنه قال به من الصحابة جماعة فسمى بعضهم قال ومن التابعين الأعمش وتبعه عياض لكن قال لم يقل به أحد بعد الصحابة غيره وهو معترض أيضا فقد ثبت ذلك عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وهو في سنن أبي داود باسناد صحيح وعن هشام بن عروة عند عبد الرزاق باسناد صحيح وقال عبد الرزاق أيضا عن ابن جريج عن عطاء أنه قال لا تطيب نفسي إذا لم أنزل حتى اغتسل من أجل اختلاف الناس لأخذنا بالعروة الوثقى وقال الشافعي في اختلاف الحديث حديث الماء من الماء ثابت لكنه منسوخ إلى أن قال فخالفنا بعض أهل ناحيتنا يعنى من الحجازيين فقالوا لا يجب الغسل حتى ينزل اه فعرف بهذا أن الخلاف كان مشهورا بين التابعين ومن بعدهم لكن الجمهور على ايجاب الغسل وهو الصواب والله أعلم * (خاتمة) * اشتمل كتاب الغسل وما معه من أحكام الجنابة من الأحاديث
(٣٤٠)