المتن (قوله فامروه بذلك) فيه التفات لان الأصل أن يقول فامرونى أو هو مقول عطاء بن يسار فيكون مرسلا وقال الكرماني الضمير يعود على المجامع الذي في ضمن إذا جامع وجزم أيضا بأنه عن عثمان افتاء ورواية مرفوعة وعن الباقين افتاء فقط قلت وظاهره انهم أمروه بما أمره به عثمان فليس صريحا في عدم الرفع لكن في رواية الإسماعيلي فقالوا مثل ذلك وهذا ظاهره الرفع لان عثمان أفتاه بذلك وحدثه به عن النبي صلى الله عليه وسلم فالمثلية تقتضى انهم أيضا أفتوه وحدثوه وقد صرح الإسماعيلي بالرفع في رواية أخرى له ولفظه فقالوا مثل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال الإسماعيلي لم يقل ذلك غير يحيى الحماني وليس هو من شرط هذا الكتاب (قوله وأخبرني أبو سلمة) كذا لأبي ذر وللباقين قال يحيى وأخبرني أبو سلمة وهو المراد وهو معطوف بالاسناد الأول وليس معلقا وقد رواه مسلم من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه بالاسنادين معا (قوله إنه سمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال الدارقطني هو وهم لان أبا أيوب انما سمعه من أبي بن كعب كما قال هشام بن عروة عن أبيه (قلت) الظاهر أن أبا أيوب سمعه منهما لاختلاف السياق لان في روايته عن أبي بن كعب قصة ليست في روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم مع أن أبا سلمة وهو ابن عبد الرحمن بن عوف أكبر قدرا وسنا وعلما من هشام بن عروة وروايته عن عروة من باب رواية الاقران لأنهما تابعيان فقيهان من طبقة واحدة وكذلك رواية أبى أيوب عن أبي بن كعب لأنهما فقيهان صحابيان كبيران وقد جاء هذا الحديث من وجه آخر عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه الدارمي وابن ماجة وقد حكى الأثرم عن أحمد ان حديث زيد بن خالد المذكور في هذا الباب معلول لأنه ثبت عن هؤلاء الخمسة الفتوى بخلاف ما في هذا الحديث وقد حكى يعقوب بن أبي شيبة عن علي بن المديني انه شاذ والجواب عن ذلك ان الحديث ثابت من جهة اتصال اسناده وحفظ رواته وقد روى ابن عيينة أيضا عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار نحو رواية أبى سلمة عن عطاء أخرجه ابن أبي شيبة وغيره فليس هو فردا وأما كونهم أفتوا بخلافه فلا يقدح ذلك في صحته لاحتمال انه ثبت عندهم ناسخه فذهبوا إليه وكم من حديث منسوخ وهو صحيح من حيث الصناعة الحديثية وقد ذهب الجمهور إلى أن ما دل عليه حديث الباب من الاكتفاء بالوضوء إذا لم ينزل المجامع منسوخ بما دل عليه حديث أبي هريرة وعائشة المذكوران في الباب قبله والدليل على النسخ ما رواه أحمد وغيره من طريق الزهري عن سهل بن سعد قال حدثني أبي بن كعب ان الفتيا التي كانوا يقولون الماء من الماء رخصة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص بها في أول الاسلام ثم أمر بالاغتسال بعد صححه ابن خزيمة وابن حبان وقال الإسماعيلي هو صحيح على شرط البخاري كذا قال وكأنه لم يطلع على علته فقد اختلفوا في كون الزهري سمعه من سهل نعم أخرجه أبو داود وابن خزيمة أيضا من طريق أبى حازم عن سهل ولهذا الاسناد أيضا علة أخرى ذكرها ابن أبي حاتم وفى الجملة هو اسناد صالح لأن يحتج به وهو صريح في النسخ على أن حديث الغسل وان لم ينزل أرجح من حديث الماء من الماء لأنه بالمنطوق وترك الغسل من حديث الماء بالمفهوم أو بالمنطوق أيضا لكن ذاك أصرح منه وروى ابن أبي شيبة وغيره عن ابن عباس انه حمل حديث الماء من الماء على صورة مخصوصة وهى ما يقع في المنام من رؤية الجماع وهو تأويل يجمع بين الحديثين من غير تعارض
(٣٣٩)