منع منه في حق المرأة دون الرجل كما حكاه ابن المنذر وغيره عن إبراهيم النخعي واستبعد النووي في شرح المهذب صحته عنه لكن رواه ابن أبي شيبة عنه باسناد جيد (قوله عن زينب بنت أبي سلمة) تقدم هذا الحديث في باب الحياء في العلم من وجه آخر وفيه زينب بنت أم سلمة فنسيت هناك إلى أمها وهنا إلى أبيها وقد اتفق الشيخان على اخراج هذا الحديث من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه عنها ورواه مسلم أيضا من رواية الزهري عن عروة لكن قال عن عائشة وفيه ان المراجعة وقعت بين أم سلمة وعائشة ونقل القاضي عياض عن أهل الحديث ان الصحيح ان القصة وقعت لام سلمة لا لعائشة وهذا يقتضى ترجيح رواية هشام وهو ظاهر صنيع البخاري لكن نقل ابن عبد البر عن الذهلي أنه صحح الروايتين وأشار أبو داود إلى تقوية رواية الزهري لان نافع بن عبد الله تابعه عن عروة عن عائشة وأخرج مسلم أيضا رواية نافع وأخرج أيضا من حديث أنس قال جاءت أم سليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له وعائشة عنده فذكر نحوه وروى أحمد من طريق إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة عن جدته أم سليم وكانت مجاورة لام سلمة فقالت أم سليم يا رسول الله فذكر الحديث وفيه ان أم سلمة هي التي راجعتها وهذا يقوى رواية هشام قال النووي في شرح مسلم يحتمل أن تكون عائشة وأم سلمة جميعا أنكرتا على أم سليم وهو جمع حسن لأنه لا يمتنع حضور أم سلمة وعائشة عند النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس واحد وقال في شرح المهذب يجمع بين الروايات بان انسا وعائشة وأم سلمة حضروا القصة انتهى والذي يظهر ان أنسا لم يحضر القصة وانما تلقى ذلك من أمه أم سليم وفى صحيح مسلم من حديث أنس ما يشير إلى ذلك وروى أحمد من حديث ابن عمر نحو هذه القصة وانما تلقى ذلك ابن عمر من أم سليم أو غيرها وقد سألت عن هذه المسئلة أيضا خولة بنت حكيم عند أحمد والنسائي وابن ماجة وفى آخره كما ليس على الرجل غسل إذا رأى ذلك فلم ينزل وسهلة بنت سهيل عند الطبراني وبسرة بنت صفوان عند ابن أبي شيبة (قوله إن الله لا يستحيى من الحق) قدمت هذا القول تمهيدا لعذرها في ذكر ما يستحيا منه والمراد بالحياء هنا معناه اللغوي إذ الحياء الشرعي خير كله وقد تقدم في كتاب الايمان ان الحياء لغة تغير وانكسار وهو مستحيل في حق الله تعالى فيحمل هنا على أن المراد ان الله لا يأمر بالحياء في الحق أو لا يمنع من ذكر الحق وقد يقال انما يحتاج إلى التأويل في الاثبات ولا يشترط في النفي ان يكون ممكنا لكن لما كان المفهوم يقتضى انه يستحيى من غير الحق عاد إلى جانب الاثبات فاحتيج إلى تأويله قاله ابن دقيق العيد (قوله هل على المرأة من غسل) من زائدة وقد سقطت في رواية المصنف في الأدب (قوله احتلمت) الاحتلام افتعال من الحلم بضم المهملة وسكون اللام وهو ما يراه النائم في نومه يقال منه حلم بالفتح واحتلم والمراد به هنا أمر خاص منه وهو الجماع وفى رواية أحمد من حديث أم سليم انها قالت يا رسول الله إذا رأت المرأة ان زوجها يجامعها في المنام أتغتسل (قوله إذا رأت الماء) أي المنى بعد الاستيقاظ وفى رواية الحميدي عن سفيان عن هشام إذا رأت إحداكن الماء فلتغتسل وزاد فقالت أم سلمة وهل تحتلم المرأة وكذلك روى هذه الزيادة أصحاب هشام عنه غير مالك فلم يذكرها وقد تقدمت من رواية أبى معاوية عن هشام في باب الحياء في العلم وفيه أو تحتلم المرأة وهو معطوف على مقدر يظهر من السياق أي أترى المرأة الماء وتحتلم وفيه فغطت أم سلمة وجهها
(٣٣٢)