في باب الوضوء من المخرجين من وجه آخر وزاد فيه فاستحييت ان أسال (قوله لمكان ابنته) في رواية مسلم من طريق ابن الحنفية عن علي من أجل فاطمة رضي الله عنهما (قوله توضأ) هذا الامر بلفظ الافراد يشعر بان المقداد سال لنفسه ويحتمل أن يكون سأل لمبهم أو لعلى فوجه النبي صلى الله عليه وسلم الخطاب إليه والظاهر أن عليا كان حاضر السؤال فقد أطبق أصحاب المسانيد والأطراف على ايراد هذا الحديث في مسند على ولو حملوه على أنه لم يحضر لأوردوه في مسند المقداد ويؤيده ما في رواية النسائي من طريق أبى بكر بن عياش عن أبي حصين في هذا الحديث عن علي قال فقلت لرجل جالس إلى جنبي سله فسأله ووقع في رواية مسلم فقال يغسل ذكره ويتوضأ بلفظ الغائب فيحتمل أن يكون سؤال المقداد وقع على الابهام وهو الاظهر ففي مسلم أيضا فسأله عن المذي يخرج من الانسان وفى الموطأ نحوه ووقع في رواية لأبي داود والنسائي وابن خزيمة ذكر سبب ذلك من طريق حصين بن قبيصة عن علي قال كنت رجلا مذاء فجعلت أغتسل منه في الشتاء حتى تشقق ظهري فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تفعل ولابى داود وابن خزيمة من حديث سهل بن حنيف أنه وقع له نحو ذلك وأنه سال عن ذلك بنفسه ووقع في رواية النسائي أن عليا قال أمرت عمارا ان يسأل وفى رواية لابن حبان والإسماعيلي أن عليا قال سالت وجمع ابن حبان بين هذا الاختلاف بان عليا أمر عمارا أن يسأل ثم أمر المقداد بذلك ثم سال بنفسه وهو جمع جيد الا بالنسبة إلى آخره لكونه مغايرا لقوله انه استحيى عن السؤال بنفسه لأجل فاطمة فيتعين حمله على المجاز بان بعض الرواة أطلق أنه سأل لكونه الآمر بذلك وبهذا جزم الإسماعيلي ثم النووي ويؤيد أنه أمر كلا من المقداد وعمارا بالسؤال عن ذلك ما رواه عبد الرزاق من طريق عائس بن أنس قال تذاكر على والمقداد وعمار المذي فقال على انني رجل مذاء فاسئلا عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فسأله أحد الرجلين وصحح ابن بشكوال أن الذي تولى السؤال عن ذلك هو المقداد وعلى هذا فنسبة عمار إلى أنه سأل عن ذلك محمولة على المجاز أيضا لكونه قصده لكن تولى المقداد الخطاب دونه والله أعلم واستدل بقوله صلى الله عليه وسلم توضأ على أن الغسل لا يجب بخروج المذي وصرح بذلك في رواية لأبي داود وغيره وهو اجماع وعلى أن الامر بالوضوء منه كالأمر بالوضوء من البول كما تقدم استدلال المصنف به في باب من لم ير الوضوء الا من المخرجين وحكى الطحاوي عن قوم انهم قالوا بوجوب الوضوء بمجرد خروجه ثم رد عليهم بما رواه من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن المذي فقال فيه الوضوء وفى المنى الغسل فعرف بهذا أن حكم المذي حكم البول وغيره من نواقض الوضوء لا أنه بوجب الوضوء بمجرده (قوله واغسل ذكرك) هكذا وقع في البخاري تقديم الامر بالوضوء على غسله ووقع في العمدة نسبة ذلك إلى البخاري بالعكس لكن الواو لا ترتب فالمعنى واحد وهى رواية الإسماعيلي فيجوز تقديم غسله على الوضوء وهو أولى ويجوز تقديم الوضوء على غسله لكن من يقول ينقض الوضوء بمسه يشترط أن يكون ذلك بحائل واستدل به ابن دقيق العيد على تعين الماء فيه دون الاحجار ونحوها لان ظاهره يعين الغسل والمعين لا يقع الامتثال الا به وهذا ما صححه النووي في شرح مسلم وصحح في باقي كتبه جواز الاقتصار الحاقا له بالبول وحملا للامر بغسله على الاستحباب أو على أنه خرج مخرج الغالب وهذا المعروف في المذهب واستدل به
(٣٢٦)