هرقل أسلم يؤتك الله أجرك مرتين وهرقل كان ممن دخل في النصرانية بعد التبديل وقد قدمت بحث شيخ الاسلام في هذا في حديث أبي سفيان في بدء الوحي الثالثة قال أبو عبد الملك البوني وغيره ان الحديث لا يتناول اليهود البتة وليس بمستقيم كما قررناه وقال الداودي ومن تبعه انه يحتمل ان يتناول جميع الأمم فيما فعلوه من خير كما في حديث حكيم بن حزام الآتي أسلمت على ما أسلفت من خير وهو متعقب لان الحديث مقيد باهل الكتاب فلا يتناول غيرهم الا بقياس الخير على الايمان وأيضا فالنكتة في قوله آمن بنبيه الاشعار بعلية الاجر أي ان سبب الاجرين الايمان بالنبيين والكفار ليسوا كذلك ويمكن ان يقال الفرق بين أهل الكتاب وغيرهم من الكفار ان أهل الكتاب يعرفون محمدا صلى الله عليه وسلم كما قال الله تعالى يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل فمن آمن به واتبعه منهم كان له فضل على غيره وكذا من كذبه منهم كان وزره أشد من وزر غيره وقد ورد مثل ذلك في حق نساء النبي صلى الله عليه وسلم لكون الوحي كان ينزل في بيوتهن فان قيل فلم لم يذكرن في هذا الحديث فيكون العدد أربعة أجاب شيخنا شيخ الاسلام بان قصيتهن خاصة بهن مقصورة عليهن والثلاثة المذكورة في الحديث مستمرة إلى يوم القيامة وهذا مصير من شيخنا إلى أن قضية مؤمن أهل الكتاب مستمرة وقد ادعى الكرماني اختصاص ذلك بمن آمن في عهد البعثة وعلل ذلك بان نبيهم بعد البعثة انما هو محمد صلى الله عليه وسلم باعتبار عموم بعثته انتهى وقضيته ان ذلك أيضا لا يتم لمن كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فان خصه بمن لم تبلغه الدعوة فلا فرق في ذلك بين عهده وبعده فما قاله شيخنا أظهر والمراد بنسبتهم إلى غير نبينا صلى الله عليه وسلم انما هو باعتبار ما كانوا عليه قبل ذلك وأما ما قوى به الكرماني دعواه بكون السياق مختلفا حيث قيل في مؤمن أهل الكتاب رجل بالتنكير وفى العبد بالتعريف وحيث زيدت فيه إذا الدالة على معنى الاستقبال فأشعر ذلك بأن الاجرين لمؤمن أهل الكتاب لا يقع في الاستقبال بخلاف العبد انتهى وهو غير مستقيم لأنه مشى فيه مع ظاهر اللفظ وليس متفقا عليه بين الرواة بل هو عند المصنف وغيره مختلف فقد عبر في ترجمة عيسى بإذا في الثلاثة وعبر في النكاح بقوله أيما رجل في المواضع الثلاثة وهى صريحة في التعميم وأما الاختلاف بالتعريف والتنكير فلا أثر له هنا لان المعرف بلام الجنس مؤداه مؤدى النكرة والله أعلم الرابعة حكم المرأة الكتابية حكم الرجل كما هو مطرد في جل الاحكام حيث يدخلن مع الرجال بالتبعية الا ما خصه الدليل وسيأتى مباحث العبد في العتق ومباحث الأمة في النكاح (قوله فله أجران) هو تكرير لطول الكلام للاهتمام به (قوله ثم قال عامر) أي الشعبي أعطيناكها ظاهره انه خاطب بذلك صالحا الراوي عنه ولهذا جزم الكرماني بقوله الخطاب لصالح وليس كذلك بل انما خاطب بذلك رجلا من أهل خراسان سأله عمن يعتق أمته ثم يتزوجها كما سنذكر ذلك في ترجمة عيسى عليه السلام من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى (قوله بغير شئ) أي من الأمور الدنيوية والا فالاجر الأخروي حاصل له (قوله يركب فيما دونها) أي يرحل لأجل ما هو أهون منها كما عنده في الجهاد والضمير عائد على المسئلة (قوله إلى المدينة) أي النبوية وكان ذلك في زمن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين ثم تفرق الصحابة في البلاد بعد فتوح الأمصار وسكنوها فاكتفى أهل كل بلد بعلمائه الا من طلب التوسع في العلم فرحل وقد تقدم حديث جابر في ذلك ولهذا عبر
(١٧٢)