حسين قال سمعت الشعبي وأصرح من ذلك أنه أخرج الحديث المذكور في كتاب الأدب المفرد بالاسناد الذي أخرجه هنا فقال صالح بن حي (قوله قال عامر) أي قال صالح قال عامر وعادتهم حذف قال إذا تكررت خطا لا نطقا (قوله عن أبيه) هو أبو موسى الأشعري كما صرح به في العتق وغيره (قوله ثلاثة لهم أجران) ثلاثة مبتدأ والتقدير ثلاثة رجال أو رجال ثلاثة ولهم أجران خبره (قوله رجل) هو بدل تفصيل أو بدل كل بالنظر إلى المجموع (قوله من أهل الكتاب) لفظ الكتاب عام ومعناه خاص أي المنزل من عند الله والمراد به التوراة والإنجيل كما تظاهرت به نصوص الكتاب والسنة حيث يطلق أهل الكتاب وقيل المراد به هنا الإنجيل خاصة ان قلنا إن النصرانية ناسخة لليهودية كذا قرره جماعة ولا يحتاج إلى اشتراط النسخ لان عيسى عليه الصلاة والسلام كان قد أرسل إلى بني إسرائيل بلا خلاف فمن أجابه منهم نسب إليه ومن كذبه منهم واستمر على يهوديته لم يكن مؤمنا فلا يتناوله الخبر لان شرطه ان يكون مؤمنا بنبيه نعم من دخل في اليهودية من غير بني إسرائيل أو لم يكن بحضرة عيسى عليه السلام فلم تبلغه دعوته يصدق عليه انه يهودي مؤمن إذ هو مؤمن بنبيه موسى عليه السلام ولم يكذب نبيا آخر بعده فمن أدرك بعثة محمد صلى الله عليه وسلم ممن كان بهذه المثابة وآمن به لا يشكل انه يدخل في الخبر المذكور ومن هذا القبيل العرب الذين كانوا باليمن وغيرها ممن دخل منهم في اليهودية ولم تبلغهم دعوة عيسى عليه السلام لكونه أرسل إلى بني إسرائيل خاصة نعم الاشكال في اليهود الذين كانوا بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم وقد ثبت ان الآية الموافقة لهذا الحديث وهى قوله تعالى أولئك يؤتون أجرهم مرتين نزلت في طائفة آمنوا منهم كعبد الله بن سلام وغيره ففي الطبراني من حديث رفاعة القرظي قال نزلت هذه الآيات في وفيمن آمن معي وروى الطبري باسناد صحيح عن علي بن رفاعة القرظي قال خرج عشرة من أهل الكتاب منهم أبو رفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فآمنوا به فأوذوا فنزلت الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون الآيات فهؤلاء من بني إسرائيل ولم يؤمنوا بعيسى بل استمروا على اليهودية إلى أن آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وقد ثبت أنهم يؤتون أجرهم مرتين قال الطيبى فيحتمل اجراء الحديث على عمومه إذ لا يبعد أن يكون طريان الايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم سببا لقبول تلك الأديان وإن كانت منسوخة انتهى وسأذكر ما يؤيده بعد ويمكن ان يقال في حق هؤلاء الذين كانوا بالمدينة انه لم تبلغهم دعوة عيسى عليه السلام لأنها لم تنتشر في أكثر البلاد فاستمروا على يهوديتهم مؤمنين بنبيهم موسى عليه السلام إلى أن جاء الاسلام فآمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم فبهذا يرتفع الاشكال إن شاء الله تعالى * (فوائد) * الأولى وقع في شرح ابن التين وغيره ان الآية المذكورة نزلت في كعب الأحبار وعبد الله بن سلام وهو صواب في عبد الله خطأ في كعب لان كعبا ليست له صحبة ولم يسلم الا في عهد عمر بن الخطاب والذي في تفسير الطبري وغيره عن قتادة انها نزلت في عبد الله بن سلام وسلمان الفارسي وهذا مستقيم لان عبد الله كان يهوديا فأسلم كما سيأتي في الهجرة وسلمان كان نصرانيا فأسلم كما سيأتي في البيوع وهما صحابيان مشهوران الثانية قال القرطبي الكتابي الذي يضاعف أجره مرتين هو الذي كان على الحق في شرعه عقدا وفعلا إلى أن آمن بنبينا صلى الله عليه وسلم فيؤجر على اتباع الحق الأول والثاني انتهى ويشكل عليه ان النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى
(١٧١)