ذكرا قد بلغ الحلم وآنس منه الرشد أكانت العرب تسلم إليه أمرها؟ قال: لا، بل كانت تقتله إن لم يفعل، ما فعلت إن العرب كرهت أمر محمد صلى الله عليه وآله وسلم وحسدته على ما آتاه الله من فضله، واستطالت أيامه حتى قذفت زوجته، ونفرت به ناقته مع عظيم إحسانه إليها، وجسيم مننه عندها، وأجمعت مذ كان حيا على صرف الأمر عن أهل بيته بعد موته، ولولا أن قريشا جعلت اسمه ذريعة إلى الرياسة وسلما إلى العز والأمرة لما عبدت الله بعد موته يوما واحدا، ولارتدت في حافرتها، وعاد قارحها جذعا، وبازلها بكرا.
ثم فتح الله عليها الفتوح فأثرت بعد الفاقة، وتمولت بعد الجهد والمخمصة، فحسن في عيونها من الإسلام ما كان سمجا، وثبت في قلوب كثير منها من الدين ما كان مضطربا، وقالت: لولا أنه حق لما كان كذا، ثم نسبت تلك الفتوح إلى آراء ولاتها وحسن تدبير الامراء القائمين بها، فتأكد عند الناس نباهة قوم وخمول آخرين، فكنا نحن ممن خمل ذكره، وخبت ناره وانقطع صوته وصيته حتى أكل الدهر علينا وشرب، ومضت السنون والأحقاب بما فيها، ومات كثير ممن يعرف، ونشأ كثير ممن لا يعرف، وما عسى أن يكون الولد لو كان، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يقربني ما تعلمونه من القرب للنسب واللحمة بل للجهاد والنصيحة، أفتراه لو كان له ولد هل كان يفعل ما فعلت: وكذاك لم يكن يقرب ما قربت، ثم لم يكن عند قريش والعرب سببا للحظوة والمنزلة بل للحرمان والجفوة.
اللهم إنك تعلم أني لم أرد الأمرة، ولا علو الملك والرياسة، وإنما أردت، القيام بحدودك، والأداء لشرعك، ووضع الأمور مواضعها، وتوفير الحقوق على أهلها، والمضي على منهاج نبيك، وإرشاد الضال إلى أنوار هدايتك (1).
20 - وقال - أيضا: (قال عليه السلام: كل حقد حقدته قريش على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم