ليزيد بن هانئ: ويحك ألا ترى إلى الفتح؟ ألا ترى إلى ما يلقون؟ ألا ترى إلى الذي يصنع الله لنا؟ أينبغي أن ندع هذا وننصرف عنه؟ فقال يزيد: أتحب أنك ظفرت ههنا وأن أمير المؤمنين بمكانة الذي هو فيه، يفرج عنه ويسلم إلى عدوه قال:
سبحان الله، لا والله، لا أحب ذلك، قال: فإنهم قد قالوا له وحلفوا عليه: لترسلن إلى الأشتر فليأتينك أو لنقتلنك بأسيافنا كما قتلنا عثمان أو لنسلمنك إلى عدوك.
فأقبل الأشتر حتى انتهى إليهم فصاح يا أهل الذل والوهن أحين علوتم القوم و ظنوا أنكم لهم قاهرون ورفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها؟ وقد والله تركوا ما أمر الله به فيها وتركوا سنة من أنزلت عليه، فالا تجيبوهم، أمهلوني فواقا فإني قد أحسست بالفتح، قالوا: لا نمهلك، قال: فأمهلوني عدوة الفرس فإني قد طمعت في النصر، قالوا: إذا ندخل معك في خطيئتك، قال: فحدثوني عنكم و - قد قتل أماثلكم وبقى أراذلكم - متى كنتم محقين؟ أحين كنتم تقتلون أهل الشام فأنتم الآن حين أمسكتم عن قتالهم مبطلون؟ أم أنتم الان في إمساككم عن القتال محقون فقتلاكم إذن - الذين لا تنكرون فضلهم وأنهم خير منكم - في النار؟ قالوا:
دعنا منك يا أشتر! قاتلناهم في الله وندع قتالهم في الله، إنا لسنا نطيعك فاجتنبنا، فقال: خدعتم والله فانخدعتم، ودعيتم إلى وضع الحرب فأجبتم، يا أصحاب الجباه السود كنا نظن صلاتكم زهادة في الدنيا وشوقا إلى لقاء الله فلا أرى فراركم إلا إلى الدنيا من الموت، ألا فقبحا يا أشباه النيب الجلالة (1)، ما أنتم برائين بعدها عزا أبدا، فابعدوا كما بعد القوم الظالمون.
فسبوه وسبهم، وضربوا بسياطهم وجه دابته، وضرب بسوطه وجوه دوابهم و صاح بهم علي عليه السلام فكفوا، وقال الأشتر: يا أمير المؤمنين! احمل الصف على الصف يصرع القوم، فتصايحوا إن أمير المؤمنين قد قبل الحكومة ورضي بحكم