أبا حنيفة يوجبه على الجبهة، فإنه يجيزه عليها، أو على الانف، وأنه مخير في ذلك: ثم ظاهره وجوب السجود على العضو جميعه، ولا يكفي بعض ذلك، والجبهة يضع منها على الأرض ما أمكنه بدليل وتمكن جبهتك. وظاهره أنه لا يجب كشف شئ من هذه الأعضاء، لان مسمى السجود عليها يصدق بوضعها من دون كشفها، ولا خلاف أن كشف الركبتين غير واجب، لما يخاف من كشف العورة. واختلف في الجبهة. فقيل: يجب كشفها، لما أخرجه أبو داود في المراسيل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأى رجلا يسجد على جنبه، وقد اعتم على جبهته، فحسر عن جبهته، إلا أنه قد علق البخاري عن الحسن: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجدون وأيديهم في ثيابهم، ويسجد الرجل منهم على عمامته، ووصله البيهقي، وقال: هذا أصح ما في السجود موقوفا على الصحابة، وقد وردت أحاديث : أنه (ص) كان يسجد على كور عمامته من حديث ابن عباس: أخرجه أبو نعيم في الحلية، وفي إسناده ضعف، ومن حديث ابن أبي أوفى: أخرجه الطبراني في الأوسط، وفيه ضعف، ومن حديث جابر: عند ابن عدي، وفيه متروكان، ومن حديث أنس: عند ابن أبي حاتم في العلل، وفيه ضعف. وذكر هذه الأحاديث وغيرها البيهقي ثم قال: أحاديث كان يسجد على كور عمامته لا يثبت فيها شئ يعني: مرفوعا. والأحاديث من الجانبين غير ناهضة على الايجاب، وقوله: سجد على جبهته يصدق على الامرين وإن كان مع عدم الحائل أظهر، فالأصل جواز الامرين. وأما حديث خباب: شكونا إلى رسول الله (ص) حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا، فلم يشكنا الحديث. فلا دلالة فيه على كشف هذه الأعضاء، ولا عدمه، وفي حديث أنس عند مسلم: أنه كان أحدهم يبسط ثوبه من شدة الحر، ثم يسجد عليه، ولعل هذا مما لا خلاف فيه، والخلاف في السجود على محموله، فهو محل النزاع، وحديث أنس محتمل.
(وعن ابن بحينة) هو عبد الله بن مالك بن بحينة بضم الباء الموحدة وفتح الحاء المهملة، وسكون المثناة التحتية وبعدها نون، وهو اسم لام عبد الله، واسم أبيه: مالك بن القشب بكسر القاف وسكون الشين المعجمة فموحدة الأزدي. مات عبد الله في ولاية معاوية بين سنة أربع وخمسين وثمان وخمسين: (أن النبي (ص) كان إذا صلى وسجد فرج) بفتح الفاء وتشديد الراء اخره جيم (بين يديه) أي باعد بينهما: أي نحى كل يد عن الجنب الذي يليها (حتى يبدو بياض إبطيه، متفق عليه). الحديث دليل على فعل هذه الهيئة في الصلاة. قيل: والحكمة في ذلك: أن يظهر كل عضو بنفسه ويتميز، حتى يكون الانسان الواحد في سجوده، كأنه عدد. ومقتضى هذا أن يستقل كل عضو بنفسه، ولا يعتمد بعض الأعضاء على بعض. وقد ورد هذا المعنى مصرحا به فيما أخرجه الطبراني، وغيره: من حديث ابن عمر بإسناد ضعيف أنه قال: لا تفترش افتراش السبع، واعتمد على راحتيك، وأبد ضبعيك، فإذا فعلت ذلك سجد كل عضو منك. وعند مسلم من حديث ميمونة: كان النبي (ص)