البركات على نبيك، الذي تقرب إليك بامتثال ما أهلته له من أداء الرسالة، ويحتمل أن حميدا بمعنى: حامد: أي أنك حامد من يستحق أن يحمد، ومحمد من أحق عبادك بحمدك، وقبول دعاء من يدعو له، ولآله، وهذا أنسب بالمقام، مجيد مبالغة ماجد، والمجد: الشرف.
(والسلام كما علمتم) بالبناء للمجهول وتشديد اللام، وفيه رواية بالبناء للمعلوم وتخفيف اللام (رواه مسلم. وزاد ابن خزيمة: فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا). وهذه الزيادة رواها أيضا ابن حبان، والدارقطني، والحاكم، وأخرجها أبو حاتم ، وابن خزيمة في صحيحيهما، وحديث الصلاة أخرجه الشيخان: عن كعب بن عجرة عن أبي حميد الساعدي، وأخرجه البخاري: عن أبي سعيد، والنسائي: عن طلحة، والطبراني: عن سهل بن سعد، وأحمد والنسائي: عن زيد بن خارجة. والحديث دليل على وجوب الصلاة عليه (ص) في الصلاة، لظاهر الامر، أعني: قولوا وإلى هذا ذهب جماعة من السلف، والأئمة، والشافعي، وإسحق، ودليلهم: الحديث مع زيادته الثابتة، ويقتضي أيضا وجوب الصلاة على الال، وهو قول الهادي، والقاسم، وأحمد بن حنبل، ولا عذر لمن قال: بوجوب الصلاة عليه (ص) مستدلا بهذا الحديث من القول: بوجوبها على الال، إذ المأمور به واحد، ودعوى النووي، وغير الاجماع على أن الصلاة على الال مندوبة: غير مسلمة، بل نقول:
الصلاة عليه (ص) لا تتم، ويكون العبد ممتثلا بها، حتى يأتي بهذا اللفظ النبوي الذي فيه ذكر الال، لأنه قال السائل: كيف نصلي عليك فأجابه بالكيفية: أنها الصلاة عليه وعلى آله، فمن ليأت بالآل، فما صلى عليه بالكيفية التي أمر بها، فلا يكون ممتثلا للامر، فلا يكون مصليا عليه (ص). وكذلك بقية الحديث: من قوله: كما صليت إلى اخره يجب، إذ هو من الكيفية المأمور بها، ومن فرق بين ألفاظ هذه الكيفية، بإيجاب بعضها وندب بعضها، فلا دليل له على ذلك. وأما استدلال المهدي في البحر على: أن الصلاة على الال سنة: بالقياس على الأذان، فإنهم لم يذكروا معه (ص) فيه، فكلام باطل، فإنه كما قيل: لا قياس مع النص، لأنه لا يذكر الال في تشهد الأذان لا ندبا ولا وجوبا، ولأنه ليس في الأذان دعاء له (ص)، بل شهادة بأنه رسول الله، والآل لم يأت تعبد بالشهادة بأنهم اله. ومن هنا تعلم: أن حذف لفظ الال من الصلاة، كما يقع في كتب الحديث ليس على ما ينبغي. وكنت سئلت عنه قديما فأجبت: أنه قد صح عند أهل الحديث بلا ريب كيفية الصلاة على النبي (ص)، وهم رواتها، وكأنهم حذفوها خطأ، تقية لما كان في الدولة الأموية من يكره ذكرهم. ثم استمر عليه عمل الناس متابعة من الاخر للأول، فلا وجه له، وبسطت هذا الجواب فحواشي شرح العمدة بسطا شافيا. وأما من هم الال، ففي ذلك أقوال: الأصح: أنهم من حرمت عليهم الزكاة، فإنه بذلك فسرهم زيد بن أرقم، والصحابي أعرف بمراده (ص)، فتفسيره قرينة على تعيين المراد من اللفظ المشترك، وقد فسرهم: بآل علي، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل العباس. فإن قيل: يحتمل أن يراد بقوله: إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا أي إذا نحن دعونا لك في دعائنا، فلا يدل