الشافعي، ومنع غيره من ذلك، وتأولوا الحديث بتأويلات بعيدة: منها: أنه خاص به (ص).
ومنهم: أن أمامة كان تعلق به من دون فعل منه. ومنها: أنه للضرورة، ومنهم من قال: إنه منسوخ، وكلها دعاوى بغير برهان واضح، وقد أطال ابن دقيق العيد في شرح العمدة القول في هذا، وزدناه إيضاحا في حواشيها.
(وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص):
اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية، والعقرب أخرجه الأربعة، وصححه ابن حبان) وله شواهد كثيرة، والأسودان اسم يطلق على الحية والعقرب، على أي لون كانا، كما يفيده كلام أئمة اللغة، فلا يتوهم أنه خاص بذي اللون الأسود فيهما. وهو دليل على وجوب قتل الحية والعقرب في الصلاة إذ هو الأصل في الامر، وقيل: إنه للندب، وهو دليل على أن الفعل الذي لا يتم قتلهما إلا به لا يبطل الصلاة، سواء كان بفعل قليل، أو كثير، وإلى هذا ذهب جماعة من العلماء. وذهبت الهادوية: إلى أن ذلك يفسد الصلاة، وتأولوا الحديث بالخروج من الصلاة، قياسا على سائر الأفعال الكثيرة التي تدعو إليها الحاجة، وتعرض وهو يصلي، كإنقاذ الغريق ونحوه، فإنه يخرج لذلك من صلاته، وفيه لغيرهم تفاصيل أخر، لا يقوم عليها دليل.
والحديث حجة للقول الأول. وأحاديث الباب اثنان وعشرون، وفي الشرح ستة وعشرون.
باب سترة المصلي (عن أبي جهيم) بضم الجيم مصغر جهم، وهو عبد الله بن جهيم. وقيل: هو عبد الله بن الحارث بن الصمة بكسر المهملة وتشديد الميم، الأنصاري، له حديثان، هذا أحدهما، والاخر في السلام على من يبول. وقال فيه أبو داود: أبو الجهيم بن الحارث بن الصمة.
وقد قيل: إن راوي حديث البول: رجل اخر، هو عبد الله بن الحارث، والذي هنا عبد الله بن جهيم وأنهما اثنان. (قال: قال رسول الله (ص): لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه من الاثم) لفظ من الاثم ليس من ألفاظ البخاري، ولا مسلم، بل قال المصنف في فتح الباري: إنها لا توجد في البخاري إلا عند بعض رواته، وقدح فيه: بأنه ليس من أهل العلم. قال: وقد عيب على الطبري نسبتها إلى البخاري في كتابه الاحكام، وكذا عيب على صاحب العمدة نسبتها إلى الشيخين معا اه. فالعجب من نسبة المصنف لها هنا إلى الشيخين، فقد وقع له من الوهم ما وقع لصاحب العمدة (لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه. متفق عليه واللفظ للبخاري) وليس فيه ذكر مميز