قاصد للتلاوة، ولأنه قبل غشيانه أهله وصيرورته جنبا. وحديث ابن أبي شيبة: أنه (ص) كان إذا غشى أهله فأنزل قال: اللهم لا تجعل للشيطان فيما رزقتني نصيبا ليس فيه تسمية، فلا يرد به إشكال.
(وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص):
إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود) إلى إتيانها (فليتوضأ بينهما وضوءا) كأنه أكده، لأنه قد يطلق على غسل بعض الأعضاء، فأبان التأكيد أنه أراد به الشرعي، وقد ورد في رواية ابن خزيمة، والبيهقي: وضوءه للصلاة. رواه مسلم، زاد الحاكم (عن أبي سعيد) فإنه أنشط للعود. فيه دلالة على شرعية الوضوء لمن أراد معاودة أهله، وقد ثبت أنه (ص) غشي نساءه، ولم يحدث وضوءا بين الفعلين. وثبت أنه اغتسل بعد غشيانه عند كل واحدة، فالكل جائز.
(وللأربعة عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله (ص) ينام وهو جنب، من غير أن يمس ماء. وهو معلول) بين المصنف العلة: أنه من رواية أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة. قال أحمد: على أنه ليس بصحيح. وقال أبو داود: وهم.
ووجهه: أن أبا إسحاق لم يسمعه من الأسود، وقد صححه البيهقي، وقال: إن أبا إسحاق سمعه من الأسود فبطل القول بأنه أجمع المحدثون: أنه خطأ من أبي إسحاق. قال الترمذي: وعلى تقدير صحته فيحتمل أن المراد لا يمس ماء الغسل. قلت: فيوافق أحاديث الصحيحين، فإنها مصرحة بأنه يتوضأ، ويغسل فرجه لأجل النوم، والأكل، والشرب، والجماع. وقد اختلف العلماء: هل هو واجب أو غير واجب؟ فالجمهور قالوا: بالثاني، لحديث الباب هذا، فإنه صريح أنه لا يمس ماء، وحديث طوافه على نسائه بغسل واحد. كذا قيل. ولا يخفى أنه ليس فيه على المدعي هنا دليل. وذهب داود، وجماعة: إلى وجوبه لورود الامر بالغسل عند مسلم: ليتوضأ ثم لينم. وفي البخاري: اغسل فرجك ثم توضأ وأصله الايجاب وتأوله الجمهور: أنه للاستحباب جمعا بين الأدلة، ولما رواه ابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما من حديث ابن عمر: أنه سأل النبي (ص) أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم، ويتوضأ إن شاء. وأصله في الصحيحين، دون قوله إن شاء إلا أن تصحيح من ذكرها، وإخراجها في الصحيح من كتابه كاف في العمل، ويؤيد حديث ولا يمس ماء، ولا يحتاج إلى تأويل الترمذي، ويعضد الأصل، وهو عدم وجوب الوضوء على من أراد النوم جنبا، كما قاله الجمهور.
(وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله (ص) إذا اغتسل من الجنابة) أي: أراد ذلك (يبدأ فيغسل يديه) في حديث ميمونة مرتين أو ثلاثا (ثم يفرغ) أي: الماء (بيمينه على شماله فيغسل فرجه ثم يتوضأ) في حديث ميمونة: وضوءه للصلاة (ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر) أي: شعر رأسه، وفي رواية البيهقي: يخلل بها شق رأسه الأيمن فيتتبع بها أصول الشعر، ثم يفعل بشق رأسه الأيسر كذلك، (ثم حفن على رأسه ثلاث حفنات)