(وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه: أن رسول الله (ص) قال له:
أوصيك يا معاذ لا تدعن) هو نهي من ودعه، إلا أنه هجر ماضيه في الأكثر، استغناء عنه بترك، وقد ورد قليلا وقرئ: ما ودعك ربك (دبر كل صلاة أن تقول:
اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي بسند قوي) النهي أصله: التحريم، فيدل على إيجاب هذه الكلمات دبر الصلاة، وقيل إنه نهى إرشاد، ولا بد من قرينة على ذلك. وقيل: يحتمل أنها في حق معاذ نهي تحريم، وفيه بعد. وهذه الكلمات عامة لخير الدنيا والآخرة.
(وعن أبي أمامة) هو إياس على الأصح، كما قاله ابن عبد البر، ابن ثعلبة، الحارثي الأنصاري الخزرجي، لم يشهد بدرا، إلا أنه عذره (ص) عن الخروج، لعلته بمرض والدته. وأبو أمامة الباهلي، تقدم في أول الكتاب، فإذا أطلق فالمراد به: هذا، وإذا أريد الباهلي، قيد به. (قال: قال رسول الله (ص): من قرأ اية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة) أي مفروضة (لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت. رواه النسائي، وصححه ابن حبان، وزاد فيه الطبراني: وقل هو الله أحد) وقد ورد نحوه من حديث علي عليه السلام بزيادة: من قرأها حين يأخذ مضجعه، أمنه الله على داره، ودار جاره، وأهل دويرات حوله، رواه البيهقي في شعب الايمان، وضعف إسناده. وقوله: لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت هو على مضاف: أي: لا يمنعه إلا عدم موته، حذف لدلالة المعنى عليه. واختصت اية الكرسي بذلك، لما اشتملت عليه من أصول الأسماء، والصفات الإلهية، والوحدانية، والحياة، والقيومية، والعلم، والملك، والقدرة، والإرادة. وقل هو الله أحد: متمحضة لذكر صفات الله تعالى.
(وعن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص):
صلوا كما رأيتموني أصلي رواه البخاري). هذا الحديث: أصل عظيم في دلالته على أن أفعاله (ص) في الصلاة، وأقواله: بيان لما أجمل من الامر بالصلاة في القران وفي الأحاديث، وفيه دلالة: على وجوب التأسي به (ص) فيما فعله في الصلاة فكل ما حافظ عليه من أفعالها، وأقوالها، وجب على الأمة، إلا لدليل يخصص شيئا من ذلك، وقد أطال العلماء الكلام في الحديث، واستوفاه ابن دقيق العيد في شرح العمدة، وزدناه تحقيقا في حواشيها.
(وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) صل قائما، فإن لم تستطع) أي الصلاة قائما (فقاعدا فإن لم تستطع) أي وإن لم تستطع الصلاة قاعدا (فعلى جنب، وإلا) أي: وإن لم تستطع الصلاة على جنب (فأوم) لم نجده في نسخ بلوغ المرام منسوبا، وقد أخرج البخاري دون قوله: وإلا فأوم والنسائي، وزاد: فإن لم تستطع فمستلق لا يكلف الله نفسا إلا وسعها وقد رواه الدارقطني