الأصل. وأما المذي فتقدم الكلام عليه، وأنه ناقض إجماعا. وأما ما أفاده الحديث من البناء على الصلاة بعد الخروج منها، وإعادة الوضوء حيث لم يتكلم ففيه خلاف، فروى عن زيد بن علي، والحنفية، ومالك، وقديم قولي الشافعي أنه يبنى، ولا تفسد صلاته بشرط ألا يفعل مفسدا، كما أشار إليه الحديث بقوله: لا يتكلم. وقالت الهادوية، والناصر، والشافعي في اخر قوليه: إن الحدث يفسد الصلاة، لما سيأتي من حديث طلق بن علي: إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف، وليتوضأ، وليعد الصلاة رواه أبو داود ويأتي الكلام عليه.
وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي (ص): أتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت قال: أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم أخرجه مسلم. (وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه) بفتح السين المهملة وضم الميم فراء، أبو عبد الله، وأبو خالد، جابر بن سمرة العامري، نزل الكوفة، ومات بها سنة أربع وسبعين، وقيل: ست وستين:
(أن رجلا سأل النبي (ص): أتوضأ من لحوم الغنم؟) أي: من أكلها (قال إن شئ، قال: أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم أخرجه مسلم)، وروى نحوه أبو داود، والترمذي، وابن ماجة، وغيرهم من حديث البراء بن عازب قال: قال رسول الله (ص):
توضأوا من لحوم الإبل ولا توضأوا من لحوم الغنم. قال ابن خزيمة: لم أر خلافا بين علماء الحديث: أن هذا الخبر صحيح من جهة النقل لعدالة ناقليه. والحديثان دليلان على نقض لحوم الإبل للوضوء، وأن من أكلها انتقض وضوؤه. وقال بهذا أحمد،، وإسحاق،، وابن المنذر،، وابن خزيمة، واختاره البيهقي، وحكاه عن أصحاب الحديث مطلقا. وحكي عن الشافعي أنه قال:
إن صح الحديث في لحوم الإبل قلت به. قال البيهقي: قد صح فيه حديثان حديث جابر، وحديث البراء. وذهب إلى خلافة جماعة من الصحابة، والتابعين، والهادوية، ويروى عن الشافعي، وأبي حنيفة. قالوا: والحديثان إما منسوخان بحديث: إنه كان اخر الامرين منه (ص) عدم الوضوء مما مست النار أخرجه الأربعة، وابن حبان من حديث جابر. قال النووي:
دعوى النسخ باطلة، لان هذا الأخير عام وذلك خاص، والخاص مقدم على العام. وكلامه هذا مبني على تقديم الخاص على العام مطلقا، تقدم الخاص أو تأخر، وهي مسألة خلافية في الأصول بين الأصوليين، أو أن المراد بالوضوء التنظيف، وهو غسل اليد، لأجل الزهومة، كما جاء في الوضوء من اللبن، وأن له دسما، والوارد في اللبن التمضمض من شربه. وذهب البعض إلى أن الامر في الوضوء من لحوم الإبل للاستحباب، لا للإيجاب، وهو خلاف ظاهر الامر. أما لحوم الغنم فلا نقض بأكلها بالاتفاق. كذا قيل، ولكن حكى في شرح السنة: وجوب الوضوء مما مست النار. وعن عمر بن عبد العزيز أنه كان يتوضأ من أكل السكر. قلت: وفي الحديث مأخذ لتجديد الوضوء على الوضوء، فإنه حكم بعدم نقض الأكل من لحوم الغنم، وأجاز له الوضوء، وهو تجديد الوضوء على الوضوء.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): من غسل ميتا فليغتسل. ومن حمله فليتوضأ أخرجه أحمد والنسائي والترمذي وحسنه، وقال أحمد: لا يصح في هذا الباب شئ. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): من غسل ميتا فليغتسل. ومن حمله فليتوضأ أخرجه أحمد والنسائي والترمذي وحسنه، وقال أحمد: لا يصح في هذا الباب شئ. وذلك لأنه أخرجه أحمد من طريق فيها ضعيف، ولكنه قد حسنه الترمذي، وصححه ابن حبان، لوروده من طرق ليس فيها ضعف، وذكر الماوردي: