للمسلمين. وإن كان راكدا قليلا فالصحيح: التحريم للحديث. ثم هل يلحق غير البول كالغائط به في تحريم ذلك في هذا الماء القليل؟ فالجمهور على أنه يلحق به بالأولى. وعند أحمد بن حنبل: لا يلحق به غيره، بل يختص الحكم بالبول. وقوله: في الماء صريح في النهي عن البول فيه، وأنه يجتنب إذا كان كذلك. فإذا بال في إناء وصبه في الماء الدائم فالحكم واحد، وعن داود لا ينجسه ولا يكون منهيا عنه إلا في الصورة الأولى لا غير. وحكم الوضوء في الماء الدائم الذي بال فيه من يريد الوضوء: حكم الغسل إذ الحكم واحد. وقد ورد في رواية : لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه ذكرها في الشرح ولم ينسبها إلى أحد، وقد أخرجها عبد الرزاق، وأحمد، وابن أبي شيبة، والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وابن حبان من حديث أبي هريرة مرفوعا، وأخرجه الطحاوي، وابن حبان، والبيهقي بزيادة: أو يشرب.
وعن رجل صحب النبي (ص) قال: نهى رسول الله (ص):
أن تغتسل المرأة بفضل الرجل، أو الرجل بفضل المرأة، وليغترفا جميعا أخرجه أبو داود والنسائي، وإسناده صحيح) إشارة إلى رد قول البيهقي حيث قال: إنه في معنى المرسل، أو إلى قول ابن حزم حيث قال: إن أحد رواته ضعيف. أما الأول وهو كونه في معنى المرسل، فلان إبهام الصحابي لا يضر، لان الصحابة كلهم عدول عند المحدثين. وأما الثاني فلانه أراد ابن حزم بالضعيف: داود بن عبد الله الأودي، وهو ثقة، وكأنه في البحر اغتر بقول ابن حزم، فقال بعد ذكر الحديث: إن راويه ضعيف وأسنده إلى مجهول. وقال المصنف في فتح الباري:
إن رجاله ثقات ولم نقف له على علة، فلهذا قال هنا: وهو صحيح، نعم هو معارض بما يأتي من قوله في الحديث الآتي:
(وعن ابن عباس رضي الله عنهما) هو حيث أطلق بحر الأمة وحبرها عبد الله بن العباس. ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، وشهرة إمامته في العلم ببركات الدعوة النبوية بالحكمة والفقه في الدين والتأويل تغني عن التعريف به. كانت وفاته بالطائف سنة ثمان وستين في اخر أيام ابن الزبير بعد أن كف بصره (أن النبي (ص) كان يغتسل بفضل ميمونة.
أخرجه مسلم) من رواية عمرو بن دينار بلفظ قال: وعلمي، والذي يخطر على بالي أن أبا الشعثاء أخبرني. الحديث. وأعله قوم بهذا التردد. ولكنه قد ثبت عند الشيخين بلفظ : أن النبي (ص)، وميمونة كانا يغتسلان من إناء واحد، ولا يخفى أنه لا تعارض، لأنه يحتمل أنهما كانا يغترفان معا فلا تعارض. نعم المعارض قوله: (ولأصحاب السنن) أي من حديث ابن عباس، كما أخرجه البيهقي في السنن، ونسبه إلى أبي داود: (اغتسل بعض أزواج النبي (ص) في جفنة فجاء) أي النبي (ص) (ليغتسل منها فقالت) له: (إني كنت جنبا) أي وقد اغتسلت منها (فقال: إن الماء لا يجنب) في القاموس جنب أي كفرح وجنب أي ككرم، فيجوز فتح النون وضمها هنا، هذا إن جعلته من الثلاثي، ويصح من أجنب يجنب، وأما اجتنب فلم يأت بهذا المعنى وهو إصابة الجنابة (وصححه