أخرجه أبو داود، وورد بلفظ: مبارك الإبل، وفي لفظ: مزابل الإبل، وفي أخرى: مناخ الإبل وهي أعم من معاطن الإبل. وعللوا النهي عن الصلاة على ظهر بيت الله، وقيدوه بأنه إذا كان على طرف بحيث يخرج عن هوائها لم تصح صلاته، وإلا صحت، إلا أنه لا يخفى أن هذا التعليل أبطل معنى الحديث، فإنه إذا لم يستقبل بطلت الصلاة لعدم الشرط، لا لكونها على ظهر الكعبة، فلو صح هذا الحديث لكان بقاء النهي على ظاهره في جميع ما ذكر هو الواجب، وكان مخصصا لعموم، جعلت لي الأرض مسجدا، لكن قد عرفت ما فيه، إلا أن الحديث في القبور من بين هذه المذكورات قد صح، كما يفيده.
(وعن أبي مرثد) بفتح الميم وسكون الراء وفتح المثلثة (الغنوي) بفتح الغين المعجمة والنون، وهو مرثد بن أبي مرثد. أسلم هو وأبوه، وشهد بدرا، وقتل مرثد يوم غزوة الرجيع شهيدا في حياته (ص). (قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها. رواه مسلم). وفيه دليل على النهي عن الصلاة إلى القبر، كما نهى عن الصلاة على القبر، والأصل التحريم، ولم يذكر المقدار الذي يكون به النهي عن الصلاة إلى القبر، والظاهر: أنه ما يعد مستقبلا له عرفا. ودل على تحريم الجلو س على القبر، وقد وردت به أحاديث، كحديث جابر في وطئ القبر، وحديث أبي هريرة: لان يجلس أحدكم على جمرة، فتحرق ثيابه، فتخلص إلى جلده: خير له من أن يجلس على قبر أخرجه مسلم، وقد ذهب إلى تحريم ذلك جماعة من العلماء. وعن مالك: أنه لا يكره القعود عليها ونحوه، وإنما النهي عن القعود لقضاء الحاجة. وفي الموطأ: عن علي عليه السلام: أنه كان يتوسد القبر ويضطجع عليه، ومثله في البخاري: عن ابن عمر، وعن غيره. والأصل في النهي التحريم، كما عرفت غير مرة، وفعل الصحابي لا يعارض الحديث المرفوع، إلا أن يقال: إن فعل الصحابي دليل لحمل النهي على الكراهة، ولا يخفى بعده.
(وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر) أي نعليه، كما دل له قوله: (فإن رأى في نعليه أذى أو قذرا) شك من الراوي (فليمسحه وليصل فيهما. أخرجه أبو داود، وصححه ابن خزيمة) اختلف في وصله، وإرساله، ورجح أبو حاتم وصله، ورواه الحاكم من حديث أنس، وابن مسعود، ورواه الدارقطني من حديث ابن عباس، وعبد الله بن الشخير، وإسنادهما ضعيف. وفي الحديث دلالة على شرعية الصلاة في النعال، وعلى أن مسح النعل من النجاسة مطهر لمن القذر والأذى، والظاهر فيهما عند الاطلاق النجاسة رطبة أو جافة، ويدل له سبب الحديث، وهو إخبار جبريل له (ص): أن في نعله أذى، فخلعه في صلاته، واستمر فيها، فإنه سبب هذا. وأن المصلي إذا دخل في الصلاة وهو متلبس بنجاسة، غير عالم بها، أو ناسيا لها، ثم عرف بها في أثناء صلاته، أنه يجب عليه إزالتها، ثم يستمر في صلاته، ويبني على ما صلى، وفي الكل خلاف، إلا أنه لا دليل للمخالف، يقاوم الحديث، فلا نطيل بذكره.
ويؤيد طهورية النعال بالمسح بالتراب الحديث الآتي وهو: