فعين مهملة بعد الألف ذال معجمة، هو أبو عمرو، سعد بن معاذ الأوسي، أسلم بالمدينة بين العقبة الأولى والثانية، وأسلم بإسلامه بنو عبد الأشهل، وسماه رسول الله (ص) سيد الأنصار، وكان مقداما مطاعا، شريفا في قومه، من كبار الصحابة، شهد بدرا وأحدا، وأصيب يوم الخندق في أكحله، فلم يرقأ دمه حتى مات بعد شهر. توفي في شهر ذي القعدة سنة خمس من الهجرة (يوم الخندق فضرب عليه رسول الله (ص)) أي نصب عليه (خيمة في المسجد ليعوده من قريب) أي ليكون مكانه قريبا منه (ص)، فيعوده (متفق عليه). فيه دلالة على جواز النوم في المسجد، وبقاء المريض فيه، وإن كان جريحا، وضرب الخيمة، وإن منعت من الصلاة.
(وعنها) أي عن عائشة (قالت: رأيت رسول الله (ص) يسترني، وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد. الحديث. متفق عليه) قد بين في رواية للبخاري: أن لعبهم كان بالدرق والحراب. وفي رواية لمسلم: يلعبون في المسجد بالحراب وفي رواية للبخاري: وكان يوم عيد. فهذا يدل على جواز مثل ذلك في المسجد في يوم مسرة، وقيل: إنه منسوخ بالقران والسنة. أما القران: فقوله تعالى: * (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، وأما السنة فبحديث: جنبوا مساجدكم صبيانكم الحديث، وتعقب بأنه حديث ضعيف، وليس فيه ولا في الآية تصريح بما ادعاه ولا عرف التاريخ فيتم النسخ. وقد حكى أن لعبهم كان خارج المسجد، وعائشة كانت في المسجد. وهذا مرود بما ثبت في بعض طرق الحديث هذا أن عمر أنكر عليهم لعبهم في المسجد، فقال له النبي (ص): دعهم.
وفي ألفاظه أنه (ص) قال لعمر: لتعلم اليهود أن في ديننا فسحة وأني بعثت بحنيفية سمحة. وكأن عمر بنى على الأصل في تنزيه المساجد فبين له (ص) أن التعمق والتشدد ينافي قاعدة شريعته (ص) من التسهيل والتيسير. وهذا يدفع قول الطبري: إنه يغتفر للحبش ما لا يغتفر لغيرهم فيقر حيث ورد، ويدفع قول من قال: إن اللعب بالحراب ليس لعبا مجردا، بل فيه تدريب الشجعان على مواضع الحروب والاستعداد للعدو، ففي ذلك من المصلحة التي تجمع عامة المسلمين، ويحتاج إليها في إقامة الدين، فأجيز فعلها في المسجد. وهذا وأما نظر عائشة إليهم وهم يلعبون وهي أجنبية، ففيه دلالة على الجواز نظر المرأة إلى جملة الناس من دون تفصيل لافرادهم، كما تنظرهم إذا خرجت للصلاة في المسجد وعند الملاقاة في الطرقات، ويأتي تحقيق هذه المسألة في محلها.
(وعنها) أي عائشة (أن وليدة) الوليدة الأمة (سوداء فكان لها خباء) بكسر الخاء المعجمة وموحدة فهمزة ممدودة الخيمة من وبر أو غيره، وقيل: لا تكون إلا من شعر (في المسجد فكانت تأتيني فتحدث عندي - الحديث متفق عليه). والحديث برمته في البخاري عن عائشة: أو وليدة سوداء كان لحي من العرب فأعتقوها فكانت معهم فخرجت صبية لهم عليها وشاح أحمر من سيور قال: فوضعته أو وقع منها فمرت حدأة وهو