إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن متفق عليه. فيه شرعية القول لمن سمع المؤذن.
أن يقول، كما يقول على أي حال كان من طهارة وغيرها ولو جنبا أو حائضا، إلا حال الجماع، وحال التخلي، لكراهة الذكر فيهما، وأما إذا كان السامع في حال الصلاة، ففيه أقوال: الأقرب أنه يؤخر الإجابة إلى بعد خروجه منها. والامر يدل على الوجوب على السامع، لا على من رآه فوق المنارة ولم يسمعه، أو كان أصم. وقد اختلف في وجوب الإجابة، فقال به الحنفية، وأهل الظاهر، وآخرون. وقال الجمهور: لا يجب، واستدلوا: بأنه (ص) سمع مؤذنا، فلما كبر قال: على الفطرة، فلما تشهد قال: (خرجت من النار أخرجه مسلم. قالوا: فلو كانت الإجابة واجبة، لقال (ص)، كما قال المؤذن. فلما لم يقل: دل على أن الامر في حديث أبي سعيد للاستحباب. وتعقب: بأنه ليس في كلام الراوي ما يدل على أنه (ص) لم يقل، كما قال. فيجوز أنه (ص) قال مثل قوله، ولم ينقله الراوي، اكتفاء بالعادة، ونقل الزائد، وقوله: مثل ما يقول يدل على أنه يتبع كل كلمة يسمعها، فيقول مثلها. وقد روت أم سلمة: أنه (ص): كان يقول، كما يقول المؤذن حتى يسكت أخرجه النسائي، فلو لم يجاوبه حتى فرغ من الأذان، استحب له التدارك إن لم يطل الفصل.
وظاهر قوله في النداء أنه يجيب كل مؤذن أذن بعد الأول، وإجابة الأول أفضل. قال في الشرح: إلا في الفجر، والجمعة، فهما سواء، لأنهما مشروعان. قلت: يريد الأذان قبل الفجر، والأذان قبل حضور الجمعة، ولا يخفى أن الذي قبل الفجر قد صحت مشروعيته، وسماه النبي (ص) أذانا في قوله: إن بلالا يؤذن بليل، فيدخل تحت حديث أبي سعيد.
وأما الأذان قبل الجمعة، فهو محدث بعد وفاته (ص)، ولا يسمى أذانا شرعيا. وليس المراد من المماثلة: أن يرفع صوته كالمؤذن، لان رفعه لصوته لقصد الاعلام، بخلاف المجيب، ولا يكفي إمراره الإجابة، على خاطره فإنه ليس بقول: وظاهر حديث أبي سعيد والحديث الآتي وهو:
(وللبخاري عن معاوية مثله) أي مثل حديث أبي سعيد: أن السامع يقول كقوله المؤذن في جميع ألفاظه، إلا في الحيعلتين، فيقول: ما أفاده قوله:
(ولمسلم عن عمر في فضل القول، كما يقول المؤذن كلمة كلمة، سوى الحيعلتين) حي على الصلاة، حي على الفلاح، فإنه يخصص ما قبله (فيقول) أي السامع: (لا حول ولا قوة إلا بالله) عند كل واحدة منهما. وهذا المتن هو الذي رواه معاوية، كما في البخاري، وعمر كما في مسلم، وإنما اختصر المصنف فقال: وللبخاري عن معاوية. أي القول، كما يقول المؤذن إلى اخر ما ساقه في رواية مسلم عن عمر. إذا عرفت هذا فيقولها أربع مرات، ولفظه عند مسلم: إذا قال المؤذن، الله أكبر الله أكبر. فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبر، إلى أن قال:
فإذا قال: حي على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حي على الفلاح، قال:
لا حول ولا قوة إلا بالله، فيحتمل أنه يريد إذا قال: حي على الصلاة حوقل، وإذا قالها ثانيا حوقل، ومثله حي على الفلاح، فيكن أربعا. ويحتمل أنها تكفي حوقلة واحدة عند الأولى من الحيعلتين، وقد أخرج النسائي، وابن خزيمة حديث معاوية، وفيه يقول ذلك، وقول المصنف: