عاديت رأسي ثلاثا، وكان يجزه. وإسناده صحيح، كما قال المصنف، ولكن قال ابن كثير في الارشاد: إن حديث علي هذا من رواية عطاء بن السائب، وهو سيئ الحفظ، وقال النووي إنه حديث ضعيف. قلت: وسبب اختلاف الأئمة في تصحيحه وتضعيفه: أن عطاء بن السائب اختلط في اخر عمره، فمن روى عنه قبل اختلاطه، فروايته عنه صحيحة. ومن روى عنه بعد اختلاطه، فروايته عنه ضعيفة، وحديث علي هذا، اختلفوا: هل رواه قبل الاختلاط، أو بعده؟ فلذا اختلفوا في تصحيحه، وتضعيفه، حتى يتبين الحال فيه. وقيل: الصواب وقفه على علي عليه السلام.
والحديث دليل على أنه يجب غسل جميع البدن في الجنابة، ولا يعفى عن شئ منه. قيل: وهو إجماع، إلا المضمضة والاستنشاق ففيهما خلاف. قيل: يجبان، لهذا الحديث وقيل: لا يجبان، لحديث عائشة الذي تقدم وميمونة. وحديث إيجابهما هذا غير صحيح، ولا يقاوم ذلك. وأما أنه (ص) توضأ وضوءه للصلاة، ففعل لا ينهض على الايجاب. إلا أن يقال: إنه بيان لمجمل فإن الغسل مجمل في القران، يبينه الفعل.
(ولأحمد عن عائشة رضي الله عنها نحوه، وفيه راو مجهول) لم يذكر المصنف الحديث في التلخيص ولا عين من فيه، وإذا كان فيه مجهول، فلا تقوم به حجة. وأحاديث الباب عدتها سبعة عشر.
باب التيمم التيمم هو اللغة: القصد. وفي الشرع: القصد إلى الصعيد لمسح الوجه واليدين، بنية استباحة الصلاة ونحوها. واختلف العلماء: هل التيمم رخصة أو عزيمة؟ وقيل: هو لعدم الماء عزيمة، وللعذر رخصة.
(عن جابر) هو إذا أطلق جابر بن عبد الله (أن النبي (ص) قال) متحدثا بنعمة الله، ومبينا لاحكام شريعته: (أعطيت) حذف الفاعل للعلم به (خمسا) أي خصالا، أو فضائل، أو خصائص، والاخر يناسبه قوله: (لم يعطهن أحد قبلي) ومعلوم أنه لا يعطاهن أحد بعده، فتكون خصائص له، إذ الخاصة ما توجد في الشئ ولا توجد في غيره. ومفهوم العدد غير مراد، لأنه قد ثبت أنه أعطى أكثر من الخمس، وقد عدها السيوطي في الخصائص فبلغت الخصائص زيادة على المائتين، وهذا إجمال فصله (نصرت بالرعب) وهو: الخوف (مسيرة شهر) أي: بيني وبين العدو مسافة شهر، وأخرج الطبراني: نصرت بالرعب على عدوي مسيرة شهرين. وأخرج أيضا تفسير ذلك عن السائب بن يزيد: بأنه شهر خلفي وشهر أمامي. قيل: وإنما جعل مسافة شهر، لأنه لم يكن بينه (ص) وبين أحد من أعدائه أكثر من هذه المسافة، وهي حاصلة له، وإن كان وحده. وفي كونها حاصلة لامته خلاف (وجعلت لي الأرض مسجدا) موضع سجود، ولا يختص به موضع دون غيره وهذه لم تكن لغيره (ص)، كما صرح به في رواية: وكان من قبلي إنما كانوا يصلون في كنائسهم، وفي أخرى: ولم يكن أحد من الأنبياء يصلي حتى يبلغ محرابه وهو نص على أنها لم تكن هذه الخاصية لاحد من الأنبياء قبله (وطهورا) بفتح الطاء: أي: مطهرة تستباح