وابن عمرو بن العاص: عدم ذكرهما مع استيفاء صفة وضوئه، وثبت ذكرهما أيضا، وذلك من أدلة الندب. وقوله: يبيت الشيطان، قال القاضي عياض: يحتمل أن يكون على حقيقته، فإن الانف أحد منافذ الجسم التي يتوصل إلى القلب منها بالاشتمام، وليس من منافذ الجسم ما ليس عليه غلق سواه، وسوى الاذنين. وفي الحديث: إن الشيطان لا يفتح غلقا وجاء في التثاؤب:
الامر بكظمه من أجل دخول الشيطان حينئذ في الفم. ويحتمل الاستعارة، فإن الذي ينعقد من الغبار من رطوبة الخياشيم قذارة توافق الشيطان. قلت: والأول أظهر.
وعنه إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الاناء حتى يغسلها ثلاثا، فإنه لا يدري أين باتت يده. متفق عليه، وهذا لفظ مسلم. (وعنه) أي: أبي هريرة عند الشيخين أيضا: (إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده) خرج ما إذا أدخل يده بالمغرفة ليستخرج الماء، فإنه جائز إذ لا غمس فيه لليد، وقد ورد بلفظ لا يدخل، لكن يراد به إدخالها للغمس، لا للاخذ (في الاناء) يخرج البرك والحياض (حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده. متفق عليه وهذا لفظ مسلم). الحديث يدل على إيجاب غسل اليد لمن قام من نومه ليلا أو نهارا، وقال بذلك من نوم الليل أحمد لقوله: باتت فإنه قرينة إرادة النوم بالليل كما سلف إلا أنه قد ورد بلفظ: إذا قام أحدكم من الليل عند أبي داود، والترمذي من وجه اخر صحيح، إلا أنه يرد عليه أن التعليل يقتضي إلحاق نوم النهار بنوم الليل. وذهب غيره وهو الشافعي ومالك وغيرهما: إلى أن الامر في رواية فليغسل للندب، والنهي الذي في هذه الرواية للكراهة، والقرينة عليه ذكر العدد، فإن ذكره في غير النجاسة العينية دليل الندب، ولأنه علل بأمر يقتضي الشك، والشك لا يقتضي الوجوب في هذا الحكم استصحابا لأصل الطهارة، ولا تزول الكراهة إلا بالثلاث الغسلات، وهذا في المستيقظ من النوم. وأما من يريد الوضوء من غير نوم، فيستحب له لما مر في صفة الوضوء، ولا يكره الترك لعدم ورود النهي فيه. والجمهور: على أن النهي والامر لاحتمال النجاسة في اليد، وأنه لو درى أين باتت يده كمن لف عليها فاستيقظ وهي على حالها، فلا يكره له أن يغمس يده، وإن كان غسلهما مستحبا، كما في المستيقظ. وغيرهم يقولون: الامر بالغسل تعبد، فلا فرق بين الشاك، والمتيقن، وقولهم أظهر كما سلف.
وعن لقيط بن صبرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله (ص): أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق، إلا أن تكون صائما أخرجه الأربعة، وصححه ابن خزيمة. ولأبي داود في رواية: إذا توضأت فمضمض. (وعن لقيط) بفتح اللام وكسر القاف ابن عامر (ابن صبرة) بفتح الصاد المهملة وكسر الموحدة، كنيته أبو رزين كما قاله ابن عبد البر، صحابي مشهور، عداده في أهل الطائف (قال: قال رسول الله (ص): أسبغ الوضوء) الاسباغ: الاتمام، واستكمال الأعضاء (وخلل بين الأصابع) ظاهر في إرادة أصابع اليدين والرجلين، وقد صرح بهما في حديث ابن عباس: إذا توضأت فخلل أصابع يديك ورجليك يأتي من أخرجه قريبا (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما أخرجه الأربعة، وصححه ابن خزيمة، ولأبي داود في رواية: إذا توضأت فمضمض، وأخرجه أحمد، والشافعي، وابن الجارود، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي، وصححه الترمذي، والبغوي، وابن القطان. والحديث: دليل على وجوب إسباغ الوضوء، وهو إتمامه واستكمال الأعضاء، وفي القاموس: أسبغ الوضوء: أبلغه