وقف، وتعوذ الحديث، وليس لأبي داود ذكر السواك، والوضوء. فهذا كله في النافلة، كما هو صريح الأول، وفي قيام الليل، كما يفيده الحديثان الآخران، فإنه لم يأت عنه (ص) في رواية قط: أنه أم الناس بالبقرة، وال عمران: في فريضة أصلا. ولفظ: قمت يشعر أنه في الليل، فتم ما ترجينا بقولنا: ولعل هذا في صلاة الليل باعتبار ما ورد، فلو فعله أحد في الفريضة، فلعله لا بأس فيه، ولا يخل بصلاته، سيما إذا كان منفردا، لئلا يشق على غيره إذا كان إماما، وقولها: ليلة التمام في القاموس: ليلة التمام ككتاب، وليل تمام: أطول ليالي الشتاء، أو هي ثلا ث لا يستبان نقصانها، أو هي إذا بلغت اثنتي عشرة ساعة فصاعدا. انتهى.
(وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (ص): ألا وإني نهيت أن أقرأ القران راكعا أو ساجدا) فكأنه قيل: فماذا تقول فيهما؟ فقال: (فأما الركوع فعظموا فيه الرب) قد بين كيفية هذا التعظيم حديث مسلم عن حذيفة: فجعل يقول، أي: رسول الله (ص): سبحان ربي العظيم (وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن) بفتح القاف وكسر الميم، ومعناه: حقيق (أن يستجاب لكم. رواه مسلم). الحديث دليل على تحريم قراءة القرآن حال الركوع والسجود، لان الأصل في النهي التحريم، وظاهره وجو ب تسبيح الركوع، ووجوب الدعاء في السجود، للامر بهما. وقد ذهب إلى ذلك أحمد بن حنبل، وطائفة من المحدثين. وقال الجمهور: أنه مستحب، لحديث المسئ صلاته، فإنه لم يعلمه (ص) ذلك، ولو كان واجبا لامره به، ثم ظاهر قوله: فعظموا فيه الرب: أنها تجزئ المرة الواحدة، ويكون بها ممتثلا ما أمر به. وقد أخرج أبو داود من حديث ابن مسعود: إذا ركع أحدكم فليقل ثلاث مرات: سبحان ربي العظيم، وذلك أدناه ورواه الترمذي، وابن ماجة، إلا أنه قال أبو داود: فيه إرسال، وكذا قال البخاري، والترمذي، وفي قوله: ذلك أدناه: ما يدل على أنها لا تجزئ المرة الواحدة. والحديث دليل على مشروعية الدعاء حال السجود، بأي دعاء كان: من طلب خيري الدنيا والآخرة، والاستعاذة من شرهما، وأنه محل الإجابة، وقد بين بعض الأدعية ما أفاده قوله:
(وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله (ص) يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك) الواو للعطف والمعطوف عليه ما يفيده ما قبله، والمعطوف متعلق بحمدك، والمعنى: أنزهك وأتلبس بحمدك، ويحتمل أن تكون للحال، والمراد: أسبحك، وأنا متلبس بحمدك: أي حال كوني متلبسا به (اللهم اغفر لي. متفق عليه). الحديث ورد بألفاظ منها: أنها قالت عائشة: (ما صلى النبي (ص) بعد أن أنزلت عليه إذا جاء نصر الله والفتح إلا يقول: سبحانك ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي). والحديث دليل: على أن هذا من أذكار الركوع والسجود، ولا ينافيه حديث:
أما الركوع فعظموا في الرب، لان هذا الذكر زيادة على ذلك التعظيم، الذي كان يقوله (ص)، فيجمع بينه وبين هذا. وقوله: اللهم اغفر لي امتثال لقوله تعالى: فسبح بحمد ربك واستغفره، وفيه مسارعته (ص) إلى امتثال ما أمره الله به، قياما بحق