مسلم: لا صلاة بعد صلاة الفجر) فعينت المراد من قوله بعد الفجر، فإنه يحتمل ما ذكرناه، كمورد في رواية: - لا صلاة بعد العصر نسبها ابن الأثير إلى الشيخين، وفي رواية: صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر ستأتي فالنفي قد توجه إلى ما بعد فعل صلاة الفجر، وفعل صلاة العصر، ولكنه بعد طلوع الفجر لا صلاة إلا نافلته فقط، وأما بعد دخول العصر فالظاهر إباحة النافلة مطلقا ما لم يصل العصر، وهذا نفي للصلاة الشرعية، وهو في معنى النهي، والأصل فيه التحريم. فدل على تحريم النفل في هذين الوقتين مطلقا. والقول: بأن ذات السبب تجوز، كتحية المسجد مثلا، وما لا سبب لها لا تجوز، قد بينا أنه لا دليل عليه في حواشي شرح العمدة: وأما صلاته (ص) ركعتين بعد صلاة العصر في منزله، كما أخرجه البخاري من حديث عائشة: ما ترك السجدتين بعد العصر عندي قط: وفي لفظ: لم يكن يدعهما سرا ولا علانية. فقد أجيب عنه: بأنه (ص) صلاهما قضاء لنافلة الظهر لما فاتته، ثم استمر عليهما، لأنه كان إذا عمل عملا أثبته، فدل على جواز قضاء الفائتة في وقت الكراهة، وبأنه من خصائصه جواز النفل في ذلك الوقت، كما دل له حديث أبي داود عن عائشة: أنه كان يصلي بعد العصر، وينهي عنها، وكان يواصل، وينهي عن الوصال. وقد ذهب طائفة من العلماء: إلى أنه لا كراهة للنفل بعد صلاتي الفجر والعصر، لصلاته (ص) هذه بعد العصر، ولتقريره (ص) لمن رآه يصلي بعد صلاة الفجر نافلة الفجر، ولكنه يقال هذان دليلان على جواز قضاء النافلة في وقت الكراهة، لا أنهما دليلان على أنه لا يكره النفل مطلقا إذ الأخص لا يدل على رفع الأعم، بل يخصصه، وهو من تخصيص الأقوال بالأفعال، على أنه يأتي النص على أن من فاتته نافلة الظهر، فلا يقضيها بعد العصر، ولأنه لو تعارض القول، والفعل، كان القول مقدما عليه. فالصواب أن هذين الوقتين يحرم فيهما إذن النوافل، كما تحرم في الأوقات الثلاثة التي أفادها.
(وله) أي لمسلم (عن عقبة) بضم العين المهملة وسكون القاف فموحدة مفتوحة (ابن عامر) هو أبو حماد، أو أبو عامر، عقبة بن عامر الجهني. كان عاملا لمعاوية على مصر، وتوفي بها سنة ثمان وخمسين، وذكر خليفة: أنه قتل يوم النهروان مع علي عليه السلام، وغلطه ابن عبد البر. (ثلاث ساعات كان رسول الله (ص) ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر) بضم الباء وكسرها (فيهن موتانا: حتى تطلع الشمس بازغة حتى ترفع) بين قدر ارتفاعها الذي عنده تزول الكراهة: حديث عمرو بن عبسة بلفظ: وترتفع قيس رمح أو رمحين وقيس بكسر القاف وسكون المثناة التحتية فسين مهملة: أي قدر، أخرجه أبو داود، والنسائي (وحين يقوم قائم الظهيرة) في حديث ابن عبسة: حتى يعدل الرمح ظله (حتى تزول الشمس) أي تميل عن كبد السماء (وحين تتضيف) بفتح المثناة الفوقية فمثناة بعدها وفتح الضاد المعجمة وتشديد الياء وفاء: أي تميل (الشمس للغروب).
فهذه ثلاثة أوقات، إن انضافت إلى الأولين كانت خمسة، إلا أن الثلاثة تختص بكراهة أمرين:
دفن الموتى، والصلاة، والوقتان الأولان يختصان بالنهي عن الثاني منهما، وقد ورد تعليل النهي