ولم يقنع، ووضع يديه على ركبتيه، ثم قال: سمع الله لمن حمد، ورفع يديه، واعتدل حتى رجع كل عظم إلى موضعه معتدلا. الحديث. فأفاد رفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه في الثلاثة المواضع. وكان على المصنف أن يقول بعد قوله ثم يكبر: الحديث، ليفيد: أن الاستدلال به جميعه، فإنه قد يتوهم أن حديث أبي حميد ليس فيه إلا الرفع عند تكبيرة الاحرام، كما أن قوله:
(ولمسلم عن مالك بن الحويرث: نحو حديث ابن عمر) أي الرفع في الثلاثة المواضع (لكن قال: حتى يحاذي بهما) أي اليدين (فروع أذنيه) أطرافهما. فخالف رواية ابن عمر، وأبي حميد في هذا اللفظ. فذهب البعض إلى ترجيح رواية ابن عمر، لكونها متفقا عليها، وجمع آخرون بينهما فقالوا: يحاذي بظهر كفيه المنكبين، وبأطراف أنامله الاذنين، وأيدوا ذلك برواية أبي داود عن وائل بلفظ: حتى كانت حيال منكبيه، وحاذى بإبهاميه أذنيه، وهذا جمع حسن.
(وعن وائل) بفتح الواو وألف فهمزة، هو أبو هنيد بضم الهاء وفتح النون (ابن حجر) بن ربيعة الحضرمي، كان أبوه من ملوك حضرموت، وفد وائل على النبي صلى الله عليه وسلم، فأسلم، ويقال: إنه صلى الله عليه وسلم بشر أصحابه قبل قدومه فقال يقدم عليكم وائل بن حجر من أرض بعيدة، طائعا، راغبا في الله عز وجل وفي رسوله، وهو بقية أبناء الملوك، فلما دخل عليه صلى الله عليه وسلم رحب به وأدناه من نفسه، وبسط له رداءه فأجلسه عليه وقال: اللهم بارك على وائل وولده، واستعمله على الأقيال من حضرموت، روى له الجماعة، إلا البخاري، وعاش إلى زمن معاوية، وبايع له. (قال: صليت مع رسول الله:
صلى الله عليه وسلم، فوضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره: أخرجه ابن خزيمة)، وأخرج أبو داود والنسائي بلفظ: ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد، الرسغ: بضم الراء وسكون السين المهملة بعدها معجمة: هو المفصل بين الساعد والكف.
والحديث: دليل على مشروعية الوضع المذكور في الصلاة، ومحله على الصدر، كما أفاد هذا الحديث، وقال النووي في المنهاج ويجعل يديه تحت صدره. قال في شرح النجم الوهاج عبارة الأصحاب تحت صدره يريد، والحديث بلفظ: على صدره قال: وكأنهم جعلوا التفاوت بينهما يسيرا، وقد ذهب إلى مشروعيته زيد بن علي، وأحمد بن عيسى. وروى أحمد بن عيسى حديث وائل هذا في كتابه الأمالي، وإليه ذهبت الشافعية، والحنفية. وذهبت الهادوية إلى عدم مشروعيته، وأنه يبطل الصلاة لكونه فعلا كثيرا. قال ابن عبد البر: لم يأت عن النبي (ص) فيه خلاف، وهو قول جمهور الصحابة والتابعين. قال: وهو الذي ذكره مالك في الموطأ، ولم يحك ابن المنذر، وغيره عن مالك غيره، وروى عن مالك الارسال، وصار إليه أكثر أصحابه.
(وعن عبادة) بضم العين المهملة وتخفيف الموحدة وبعد الألف دال مهملة، وهو أبو الوليد عبادة (بن الصامت) بن قيس الخزرجي الأنصاري السالمي، كان من نقباء الأنصار، وشهد العقبة الأولى، والثانية، والثالثة، وشهد بدرا، والمشاهد كلها، وجهه عمر إلى