ملقي فحسبته لحما فخطفته، قالت فالتمسوه فلم يجدوه، فاتهموني به فجعلوا يفتشوني حتى فتشوا قبلها، قالت: والله إني لقائمة معهم، إذ مرت الحدأة فألقته قالت:
فوقع بينهم، فجاءت إلى رسول الله (ص) فأسلمت، قالت عائشة: فكان لها خباء في المسجد أو حفش، فكانت تأتيني فتحدث عندي، قالت: فلا تجلس إلا قالت:
ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا ألا إنه من دارة الكفر نجاني قالت عائشة: قلت لها: ما شأنك لا تقعدين إلا قلت هذا، فحدثتني بهذا الحديث، فهذا الذي أشار إليه المصنف بقوله: الحديث. وفي الحديث دلالة على إباحة المبيت والمقيل في المسجد لمن ليس له مسكن من المسلمين رجلا كان أو امرأة عند أمن الفتنة، وجواز ضرب الخيمة له ونحوها.
(وعن أنس رضي الله عنه، قال رسول الله (ص): البصاق) في القاموس البصاق كغراب والبساق والبزاق ماء الفم إذا خرج منه، وما دام فيه فهو ريق، وفي لفظ للبخاري: البزاق، ولمسلم: التفل. (في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها متفق عليه). الحديث دليل على أن البصاق في المسجد خطيئة والدفن يكفرها، وقد عارضه ما تقدم من حديث: فليبصق عن يساره أو تحت قدمه. فإن ظاهره سواء كان في المسجد أو غيره.
قال النووي: عما عمومان، لكن الثاني مخصوص بما إذا لم يكن في المسجد ويبقى عموم الخطيئة إذا كان في المسجد من دون تخصيص، وقال القاضي عياض: إنما يكون البصاق في المسجد خطيئة إذا لم يدفنه، وأما إذا أراد دفنه فلا. وذهب إلى هذا أئمة من أهل الحديث، ويدل له حديث أحمد، والطبراني بإسناد حسن، من حديث أبي أمامة مرفوعا: من تنخع في المسجد فلم يدفنه فسيئة فإن دفنه فحسنه. فلم يجعله سيئة إلا بقيد عدم الدفن، ونحوه حديث أبي ذر عند مسلم مرفوعا: وجدت في مساوئ أمتي النخاعة تكون في المسجد لا تدفن، وهكذا فهم السلف، ففي سنن سعيد بن منصور، وعن أبي عبيد بن الجراح: أنه تنخم في المسجد ليلة فنسى أن يدفنها حتى رجع إلى منزله، فأخذ شعلة من نار ثم جاء فطلبها حتى دفنها، وقال: الحمد لله، حيث لم تكتب على خطيئة الليلة. فدل على أنه فهم أن الخطيئة مختصة بمن تركها وقدمنا وجها من الجمع، وهو أن الخطيئة حيث كان التفل عن اليمين أو إلى جهة القبلة لا إذا كان عن الشمال وتحت القدم، فالحديث هذا مخصص بذلك ومقيد به، قال الجمهور: والمراد:
أي من دفنها في تراب المسجد ورمله وحصاه، وقول من قال: المراد من دفنها اخراجها من المسجد بعيد.
(وعنه) أي أنس، (قال رسول الله: لا تقوم الساعة حتى يتباهى) يتفاخر، (الناس في المساجد) بأن يقول واحد في مسجدي أحسن من مسجدك علوا وزينة وغير ذلك. (أخرجه الخمسة إلا الترمذي وصححه ابن خزيمة). الحديث من أعلام