مقوله (ص)، بل مقوله: (هو الطهور) بفتح الطاء، هو المصدر واسم ما يتطهر به أو: الطاهر المطهر كما في القاموس. وفي الشرع: يطلق على المطهر، بالضم مصدر. وقال سيبويه: إنه بالفتح لهما، ولم يذكره في القاموس بالضم (ماؤه) هو فاعل المصدر، وضمير ماؤه يقتضي أنه أريد بالضمير في قوله: هو الطهور: البحر يعني مكانه، إذ لو أريد به الماء لما احتيج إلى قوله: ماؤه، إذ يصير في معنى الماء طهور ماؤه، (الحل) هو مصدر حل الشئ ضد حرم، ولفظ الدارقطني الحلال (ميتته) هو فاعله أيضا (أخرجه الأربعة، وابن أبي شيبة) هو أبو بكر. قال الذهبي في حقه: الحافظ العديم النظير الثبت النحرير، عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، صاحب المسند والمصنف وغير ذلك، وهو من شيوخ البخاري ، ومسلم، وأبي داود، وابن ماجة (واللفظ له) أي: لفظ الحديث السابق سرده لابن أبي شيبة، وغيره ممن ذكر أخرجوه بمعناه. (وصححه ابن خزيمة) بضم الخاء المعجمة فزاي بعدها مثناة تحتية فتاء تأنيث. قال الذهبي: الحافظ الكبير إمام الأئمة شيخ الاسلام، أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، انتهت إليه الإمامة والحفظ في عصره بخراسان (و) صححه (الترمذي) أيضا فقال عقب سرده: هذا حديث صحيح. هذا لفظ الترمذي، كما في مختصر السنن للحافظ المنذري.
وحقيقة الصحيح عند المحدثين ما نقله عدل تام الضبط، عن مثله، متصل السند، غير معل ، ولا شاذ. هذا، وقد أخرج المصنف هذا الحديث في التلخيص من تسع طرق عن تسعة من الصحابة، ولم تخل طريق منها عن مقال، إلا أنه قد جزم بصحته من سمعت، وصححه ابن عبد البر، وصححه ابن منده، وابن المنذر، وأبو محمد البغوي. قال المصنف: وقد حكم بصحة جملة من الأحاديث لا تبلغ درجة هذا ولا تقاربه. قال الزرقاني في شرح الموطأ: وهذا الحديث أصل من أصول الاسلام، تلقته الأمة بالقبول، وتداوله فقهاء الأمصار في سائر الأعصار في جميع الأقطار، ورواه الأئمة الكبار. ثم عد من رواه، ومن صححه. والحديث وقع جوابا عن سؤال كما في الموطأ: أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل وفي مسند أحمد : من بني مدلج وعند الطبراني اسمه عبد الله، إلى رسول الله (ص)، فقال:
يا رسول الله إنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ به؟
وفي لفظ أبي داود: بماء البحر فقال رسول الله (ص): هو الطهور ماؤه الحل ميتته. فأفاد (ص) أن ماء البحر طاهر مطهر، لا يخرج عن الطهورية بحال، إلا ما سيأتي من تخصيصه بما إذا تغير أحد أوصافه، ولم يجب (ص) بقوله : نعم، مع إفادتها الغرض، بل أجاب بهذا اللفظ ليقرن الحكم بعلته، وهي الطهورية المتناهية في بابها ، وكأن السائل لما رأى ماء البحر خالف المياه بملوحة طعمه، ونتن ريحه، توهم أنه غير مراد من قوله تعالى: * () * أي بالماء المعلوم إرادته من قوله: * () * أو أنه لما عرف من قوله تعالى: * (ع 49 س 25 ش 48 <وهو الذي أرسل الرياح بشرى بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا) * ظن اختصاصه، فسأل عنه، فأفاده (ص)