(ص) بيعة الرضوان، وضرب له بسهم يوم خيبر، وأرسله إلى قومه فأسلموا، نزل بالشام ومات بها سنة خمس وسبعين، وقيل: غير ذلك (قال: قلت: يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم؟ قال: لا تأكلوا فيها إلا أن لا تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها. متفق عليه) بين الشيخين. استدل به على نجاسة انية أهل الكتاب، وهل هو لنجاسة رطوبتهم، أو لجواز أكلهم الخنزير، وشربهم الخمر، أو للكراهة؟ ذهب إلى الأول القائلون بنجاسة رطوبة الكفار، وهم الهادوية، والقاسمية. واستدلوا أيضا بظاهر قوله تعالى: - إنما المشركون نجس - والكتابي يسمى مشركا، إذ قالوا: المسيح ابن الله، وعزير ابن الله.
وذهب غيرهم من أهل البيت كالمؤيد بالله وغيره، وكذلك الشافعي: إلى طهارة رطوبتهم، وهو الحق، لقوله تعالى: * (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين) * ولأنه (ص) توضأ من مزادة مشركة، ولحديث جابر عند أحمد، وأبي داود كنا نغزو مع رسول الله (ص)، فنصيب من انية المشركين وأسقيتهم، ولا يعيب ذلك علينا. قلنا: في غيره من الأدلة غنية عنه. فمنها ما أخرجه أحمد من حديث أنس: أنه (ص) دعاه يهودي إلى خبز شعير وإهالة سنخة فأكل منها بفتح السين وسكون النون المعجمة فخاء مفتوحة أي متغيرة. قال في البحر: لو حرمت رطوبتهم لاستفاض بين الصحابة نقل توقيهم لها لقلة المسلمين حينئذ، مع كثرة استعمالاتهم التي لا يخلو منها ملبوس ومطعوم، والعادة في مثل ذلك تقضي بالاستفاضة. قال: وحديث أبي ثعلبة: إما محمول على كراهة الأكل في آنيتهم للاستقذار، لا لكونها نجسة، إذ لو كانت نجسة لم يجعله مشروطا بعدم وجدان غيرها، إذ الاناء المتنجس بعد إزالة نجاسته هو وما لم يتنجس على سواء، أو لسد ذريعة المحرم، أو لأنها نجسة لما يطبخ فيها، لا لرطوبتهم كما تفيده رواية أبي داود وأحمد بلفظ: إنا نجاور أهل الكتاب وهم يطبخون في قدورهم الخنزير ويشربون في آنيتهم الخمر، فقال رسول الله (ص): إن وجدتم غيرها الحديث، وحديثه الأول مطلق، وهذا مقيد بانية يطبخ فيها ما ذكر ويشرب، فيحمل المطلق على المقيد. وأما الآية: فالنجس لغة المستقذر، فهو أعم من المعنى الشرعي، وقيل: معناه ذو نجس، لان معهم الشرك الذي هو بمنزلة النجس، ولأنهم لا يتطهرون، ولا يغتسلون، ولا يتجنبون النجاسات فهي ملابسة لهم، وبهذا يتم الجمع بين هذا، وبين اية المائدة، والأحاديث الموافقة لحكمها، وآية المائدة أصرح في المراد.
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه: أن النبي (ص) وأصحابه توضئوا من مزادة امرأة مشركة. متفق عليه. في حديث طويل. (وعن عمران بن حصين) بالمهملتين تصغير حصن، وعمران هو أبو نجيد بالجيم تصغير نجد الخزاعي الكعبي، أسلم عام خيبر، وسكن البصرة إلى أن مات بها سنة اثنتين أو ثلاث وخمسين، وكان من فضلاء الصحابة، وفقهائهم (رضي الله عنه: أن النبي (ص) وأصحابه توضئوا من مزادة) بفتح الميم بعدها زاي ثم ألف وبعد الألف مهملة وهي الراوية، ولا تكون إلا من جلدتين تقام بثالث بينهما لتتسع، كما في القاموس (امرأة مشركة. متفق عليه) بين الشيخين (في حديث طويل) أخرجه البخاري بألفاظ فيها: أنه (ص) بعث عليا،