لحديث وائل بن حجر بلفظ: حتى حاذى أذنيه وجمع بين الحديثين: بأن المراد أنه يحاذي بظهر كفيه المنكبين، وبأطراف أنامله الاذنين، كما تدل له رواية لوائل عند أبي داود بلفظ: حتى كانت حيال منكبيه ويحاذي بإبهاميه أذنيه. وقوله: أمكن يديه من ركبتيه قد فسر هذا الامكان رواية أبي داود: كأنه قابض عليهما، وقوله: هصر ظهره تقدم قول الخطابي فيه، وتقدم في رواية: ثم حنى بالحاء المهملة والنون، وهو بمعناه، وفي رواية غير مقنع رأسه ولا مصوبه في رواية وفرج بين أصابعه وقد سبق. وقوله: حتى يعود كل فقار المراد منه: كمال الاعتدال، وتفسره رواية: ثم يمكث قائما حتى يقع كل عضو موضعه. وفي ذكره كيفية الجلوسين الجلوس الأوسط، والأخير: دليل على تغايرهما، وأنه في الجلسة الأخيرة يتورك: أي يفضي بوركه إلى الأرض، وينصب رجله اليمنى، وفيه خلاف بين العلماء سيأتي، وبهذا الحديث عمل الشافعي، ومن تابعه.
(وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: عن رسول الله (ص): أنه كان إذا قام إلى الصلاة قال: (وجهت وجهي للذي فطر السماوات) أي قصدت بعبادتي (إلى قوله: من المسلمين) وفيه روايتان: أن يقول: * (اهدنا الصراط المستقيم) * بلفظ الآية، ورواية: وأنا من المسلمين، وإليها أشار المصنف (اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك إلى اخره. رواه مسلم) تمامه: ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعا، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها، لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك. وقوله: فطر السماوات والأرض أي ابتدأ خلقهما من غير مثال سبق. وقوله: حنيفا أي مائلا إلى الدين الحق، وهو الاسلام، وزيادة:
وما أنا من المشركين بيان للحنيف، وأيضا لمعناه، النسك: العبادة، وكل ما يتقرب به إلى الله، وعطفه على الصلاة من عطف العام على الخاص. وقوله: ومحياي ومماتي أي حياتي وموتي لله: أي هو المالك لهما والمختص بهما. وقوله: رب العالمين الرب: الملك، والعالمين جمع عالم مشتق من العلم، وهو اسم لجميع المخلوقات، كذا قيل. وفي القاموس العالم: الخلق كله، أو ما حواه بطن الفلك، ولا يجمع فاعل بالواو والنون غيره، وغير ياسم وقوله: لا شريك له تأكيد لقوله: رب العالمين المفهوم منه الاختصاص. وقوله: اللهم أنت الملك أي المالك لجميع المخلوقات. وقوله: ظلمت نفسي اعتراف بظلم نفسه، قدمه على سؤال المغفرة. ومعنى (لبيك) أقيم على طاعتك، وامتثال أمرك إقامة متكررة وسعديك أي أسعد أمرك، وأتبعه إسعادا متكررا. ومعنى الخير كله في يديك الاقرار بأن كل خير واصل إلى العباد، ومرجو وصوله، فهو في يديه تعالى. ومعنى والشر ليس إليك أي ليس مما يتقرب إليك به: أي يضاف إليك فلا يقال يا رب الشر، أو لا يصعد إليك، فإنه إنما يصعد إليه الكلم الطيب، ومعنى أنا بك وإليك أي: التجائي وانتهائي إليك، وتوفيقي بك، ومعنى تباركت