يأكل. فلا يتمادى فيه. وقد ثبت عن ابن عمر: أنه كان إذا حضر عشاؤه، وسمع قراءة الإمام في الصلاة، لم يقم حتى يفرغ من طعامه. وقد قيس على الطعام غيره: مما يحصل بتأخيره تشويش الخاطر، فالأولى البداءة به.
(وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) إذا قام أحدكم في الصلاة) أي دخل فيها (فلا يمسح الحصى) أي من جبهته أو من محل سجوده، (فإن الرحمة تواجهه. رواه الخمسة بإسناد صحيح وزاد أحمد) في روايته (واحدة أو دع) في هذا النقل قلق، لأنهم يفهم أنه زاد أحمد على هذا اللفظ الذي ساقه المصنف، ومعناه: على هذا فلا يمسح واحدة، أو دع، وهو غير مراد. ولفظه عند أحمد عن أبي ذر سألت النبي (ص) عن كل شئ، حتى سألته عن مسح الحصاة، فقال واحدة، أو دع أي امسح واحدة، أو اترك المسح، فاختصار المصنف أخل بالمعنى، وكأنه اتكل في بيان معناه على لفظه لمن عرفه، ولو قال: وفي رواية لأحمد: الاذن بمسحة واحدة، لكان واضحا. والحديث دليل على النهي عن مسح الحصاة بعد الدخول في الصلاة، لا قبله، فالأولى له أن يفعل ذلك، لئلا يشغل باله وهو في الصلاة، والتقييد بالحصى، أو التراب، كما في رواية للغالب، ولا يدل على نفيه عما عداه. قيل والعلة في النهي: المحافظة على الخشوع، كما يفيده سياق المصنف للحديث في هذا الباب، أو لئلا يكثر العمل في الصلاة. وقد نص الشارع على العلة بقوله: فإن الرحمة تواجهه: أي تكون تلقاء وجهه، فلا يغير ما تعلق بوجهه من التراب والحصى، ولا ما يسجد عليه، إلا أن يؤلمه، فله ذلك، ثم النهي ظاهر في التحريم.
(وفي الصحيح) أي المتفق عليه (عن معيقيب) بضم الميم وفتح العين المهملة والمثناة التحتية، وكسر القاف بعدها تحتية ساكنة بعدها موحدة. هو معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي، شهد بدرا، وكان قد أسلم قديما بمكة، وهاجر إلى الحبشة: الهجرة الثانية، وأقام بها حتى قدم النبي (ص) المدينة، وكان على خاتم النبي (ص)، واستعمله أبو بكر، وعمر رضي الله عنهما على بيت المال. مات سنة ست وأربعين، وقيل: في اخر خلافة عثمان (نحوه) أي: نحو حديث أبي ذر، ولفظه: لا تمسح الحصى وأنت تصلي، فإن كنت لا بد فاعلا فواحدة لتسوية الحصى (بغير تعليل) أي ليس فيه: أن الرحمة تواجهه.
(وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله (ص) عن الالتفات في الصلاة، فقال: هو اختلاس) بالخاء المعجمة فمثناة فوقية اخره سين مهملة، هو الاخذ للشئ على غفلة (يختلسه الشيطان من صلاة العبد. رواه البخاري) قال الطيبي: سماه اختلاسا، لان المصلي يقبل على ربه تعالى، ويترصد الشيطان فوات ذلك عليه، فإذا التفت استلبه ذلك، وهو دليل على كراهة الالتفات في الصلاة، وحمله الجمهور على ذلك، إذا كان التفاتا لا يبلغ إلى استدبار القبلة بصدره، أو عنقه كله، وإلا كان مبطلا للصلاة.
وسبب الكراهة: نقصان الخشوع، كما أفاده إيراد المنصف للحديث في هذا الباب، أو ترك