العبودية، وتعظيما لشأن الربوية، زاده الله شرفا وفضلا، وقد غفر له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر.
(وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله (ص) إذا قام إلى الصلاة) أي إذا قام فيها (يكبر) أي: تكبيرة الاحرام (حين يقوم) فيه دليل: على أنه لا يتوجه ولا يصنع قبل التكبيرة شيئا (ثم يكبر حين يركع) تكبيرة النقل (ثم يقول سمع الله لمن حمده) أي أجاب الله من حمده، فإن من حمد الله تعالى متعرضا لثوابه، استجاب الله له، وأعطاه ما تعرض له، فناسب بعده أن يقول: ربنا ولك الحمد (حين يرفع صلبه من الركوع) فهذا في حال أخذه في رفع صلبه من هويه للقيام (ثم يقول:
وهو قائم ربنا ولك الحمد) بإثبات الواو للعطف على مقدر: أي ربنا أطعناك وحمدناك، أو للحال، أو زائدة، وورد في رواية: بحذفها، وهي نسخة في بلوغ المرام (ثم يكبر حين يهوى ساجدا) تكبير النقل (ثم يكبر حين يرفع رأسه) أي من السجود الأول (ثم يكبر حين يسجد) أي السجدة الثانية (ثم يكبر حين يرفع) أي من السجدة الثانية . هذا كله تكبير النقل (ثم يفعل ذلك) أي ما ذكر، ما عدا التكبيرة الأولى التي للاحرام (في الصلاة) أي: ركعاتها (كلها، ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس (للتشهد) الأوسط (متفق عليه). الحديث دليل على شرعية ما ذكر فيه من الأذكار. فأما أول التكبير فهي تكبيرة الاحرام، وقد تقدم الدليل على وجوبها من غير هذا الحديث. وأما ما عداها من التكبير الذي وصفه، فقد كان وقع من بعض أمراء بني أمية تركه تساهلا، ولكنه استقر العمل من الأمة على فعله: في كل خفض، ورفع: في كل ركعة خمس تكبيرات، كما عرفته من لفظ هذا الحديث، ويزيد في الرباعية، والثلاثية: تكبير النهوض من التشهد الأوسط، فيتحصل في المكتوبات الخمس بتكبيرة الاحرام أربع وتسعون تكبيرة، ومن دونها تسع وثمانون تكبيرة. واختلف العلماء في حكم تكبير النقل فقيل: إنه واجب، وروي قولا لأحمد بن حنبل، وذلك لأنه (ص) داوم عليه، وقد قال: صلوا كما رأيتموني أصلي.
وذهب الجمهور: إلى ندبه، لأنه (ص) لم يعلمه المسئ صلاته، وإنما علمه تكبيرة الاحرام، وهو موضع البيان للواجب، ولا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة. وأجيب عنه بأنه قد أخرج تكبيرة النقل في حديث المسئ أبو داود من حديث رفاعة بن رافع، فإنه ساقه، وفيه ثم يقول: الله أكبر، ثم يركع وذكر فيه قول: سمع الله لمن حمده وبقية تكبيرات النقل، وأخرجها الترمذي، والنسائي، ولذا ذهب أحمد، وداود إلى وجوب تكبير النقل. وظاهر قوله:
يكبر حين كذا، وحين كذا: أن التكبير يقارن هذه الحركات، فيشرع في التكبير عند ابتدائه للركن. وأما القول: بأنه يمد التكبير حتى يمد الحركة، كما في الشرح وغيره، فلا وجه له، بل يأتي باللفظ من غير زيادة على أدائه، ولا نقصان منه. وظاهر قوله: ثم يقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد: أنه يشرع ذلك لكل مصل: من إمام ومأموم، إذ هو حكاية لمطلق صلاته (ص)، وإن كان يحتمل أنه حكاية لصلاته (ص) إماما، إذ المتبادر