(وعن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله (ص) قنت شهرا بعد الركوع يدعو على أحياء من العرب) وورد تعيينهم: أنهم، رعل، وعصية وبنو لحيان.
(ثم تركه. متفق عليه) لفظه في البخاري مطولا عن عاصم الأحول قال: سألت أنس بن مالك عن القنوت فقال: قد كان القنوت، قلت: قبل الركوع أو بعده؟ قال: قبله، قلت:
فإن فلانا أخبرني عنك أنك قلت: بعد الركوع، قال: كذب، إنما قنت رسول الله (ص) بعد الركوع شهرا، أراه، كان بعث قوما يقال لهم: القراء، زهاء سبعين رجلا إلى قوم من المشركين، فغدروا، وقتلوا القراء، دون أولئك، وكان بينهم وبين رسول الله (ص) عهد، فقنت رسول الله (ص) شهرا يدعو عليهم. (ولأحمد، والدارقطني: نحوه) أي من حديث أنس: (من وجه اخر، وزاد: فأما في الصبح، فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا)، فقوله في الحديث الأول: ثم تركه أي فيما عدا الفجر، ويدل على أنه أراده: قوله: فلم يزل يقنت في كل صلاته. هذا، والأحاديث عن أنس في القنوت قد اضطربت، وتعارضت في صلاة الغداة. وقد جمع بينها في الهدى النبوي فقال: أحاديث أنس كلها صحاح، يصدق بعضها بعضا، ولا تناقض فيها، والقنوت الذي ذكره قبل الركوع غير الذي ذكره بعده، والذي وقته غير الذي أطلقه، فالذي ذكره قبل الركوع هو إطالة القيام للقراءة، الذي قال فيه النبي (ص): أفضل الصلاة طول القيام، والذي ذكره بعد، هو: إطالة القيام للدعاء، ففعله شهرا يدعو إلى قوم، ويدعو لقوم، ثم استمر تطويل هذا الركن للدعاء والثناء إلى أن فارق الدنيا، كما دل له الحديث: أن أنسا كان إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائما حتى يقول القائل قد نسي، وأخبرهم أن هذه صفة صلاته (ص) أخرجه عنه في الصحيحين، فهذا هو القنوت الذي قال فيه أنس: إنه ما زال (ص) حتى فارق الدنيا، والذي تركه هو الدعاء على أقوام من العرب وكان بعد الركوع، فمراد أنس بالقنوت: قبل الركوع، وبعده، الذي أخبر أنه ما زال عليه: هو إطالة القيام في هذين المحلين بقراءة القران، وبالدعاء. هذا مضمون كلامه. ولا يخفى أنه لا يوافق قوله: فأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا. وأنه دل على أن ذلك خاص بالفجر، وإطالة القيام بعد الركوع عام للصلوات جميعها. وأما حديث أبي هريرة الذي أخرجه الحاكم، وصححه: بأنه كان رسول الله (ص) إذا رفع رأسه من الركوع من صلاة الصبح الركعة الثانية، يرفع يديه، فيدعو بهذا الدعاء: اللهم اهدني فيمن هديت إلى اخره. ففيه عبد الله بن سعيد المقبري ولا تقوم به حجة. وقد ذهب: إلى أن الدعاء عقيب اخر ركوع من الفجر سنة جماعة من السلف، ومن الخلف: الهادي، والقاسم، وزيد بن علي والشافعي. وإن اختلفوا في ألفاظه، فعند الهادي: بدعاء من القران، وعند الشافعي: بحديث: اللهم اهدني فيمن هديت إلى اخره.
(وعنه) أي أنس: (أن النبي (ص) كان لا يقنت إلا إذا دعا