أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)، وإن فعل الثلاث بعد الغروب (متفق عليه).
وإنما حملنا الحديث على ما ذكرنا من أن المراد: الاتيان بالركعة بعد الطلوع، وبالثلاث بعد الغروب، للاجماع على أنه ليس المراد: من أتى بركعة فقط من الصلاتين صار مدركا لهما.
وقد ورد في الفجر صريحا في رواية البيهقي بلفظ: من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس، وركعة بعد أن تطلع الشمس، فقد أدرك الصلاة، وفي رواية: من أدرك في الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس، فليصل إليها أخرى، وفي العصر من حديث أبي هريرة 9 بلفظ من صلى من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس، ثم صلى ما بقي بعد غروبها لم يفته العصر، والمراد من الركعة: الاتيان بواجباتها من الفاتحة واستكمال الركوع والسجود. وظاهر الأحاديث أن الكل أداء، وأن الاتيان بعضها قبل خروج الوقت ينسحب حكمه على ما بعد خروجه فضلا من الله. ثم مفهوم ما ذكر: أنه من أدرك دون ركعة، لا يكون مدركا للصلاة، إلا أن قوله:
(ولمسلم عن عائشة رضي الله عنها نحوه، وقال: سجدة بدل ركعة) فإنه ظاهر أن من أدرك سجدة صار مدركا للصلاة، إلا أن قوله: (ثم قال) أي الراوي، ويحتمل أنه النبي (ص) : (والسجدة إنما هي الركعة): يدفع أن يراد بالسجدة نفسها، لان هذا التفسير: إن كان من كلامه (ص)، فلا إشكال، وإن كان من كلام الراوي، فهو أعرف بما روى. وقال الخطابي: المراد بالسجدة: الركعة بسجودها وركوعها، والركعة إنما تكون تامة بسجودها، فسميت على هذا المعنى سجدة اه، ولو بقيت السجدة على بابها لأفادت أن من أدرك ركعة بإحدى سجدتيها صار مدركا، وليس بمراد، لورود سائر الأحاديث بلفظ الركعة، فتحمل رواية السجدة عليها، فيبقى مفهوم من أدرك ركعة سالما عما يعارضه. ويحتمل: أن من أدرك سجدة فقط، صار مدركا للصلاة، كمن أدرك ركعة، ولا ينافي ذلك ورود من أدرك ركعة: لان مفهومه غير مراد بدليل: من أدرك سجدة ويكون الله تعالى قد تفضل، فجعل من أدرك سجدة مدركا، كمن أدرك ركعة، ويكون اخباره (ص) بإدراك الركعة قبل أن يعلمه الله جعل من أدرك السجدة مدركا للصلاة، فلا يرد: أنه قد علم أن من أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة بطريق الأولى. وأما قوله: والسجدة إنما هي الركعة، فهو محتمل أنه من كلام الراوي، وليس بحجة، وقولهم تفسير الراوي مقدم: كلام أغلبي، وإلا فحديث: فرب مبلغ أوعى من سامع، وفي لفظ: أفقه يدل على أنه يأتي بعد السلف من هو أفقه منهم. ثم ظاهر الحديث: أن من أدرك الركعة من صلاة الفجر، أو العصر: لا تكره الصلاة في حقه عند طلوع الشمس، وعند غروبها، وإن كانا وقتي كراهة، ولكن في حق المتنفل فقط، وهو الذي أفاده قوله:
(وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: لا صلاة) أي نافلة (بعد الصبح) أي صلاته، أو زمانه (حتى تطلع الشمس ولا صلاة بعد العصر) أي صلاته، أو وقته (حتى تغيب الشمس. متفق عليه. ولفظ