والخطيب في التلخيص، والضياء المقدسي من حديث أنس مرفوعا: إذا اغتسلت المرأة من حيضها نقضت شعر ها نقضا، وغسلته بخطمي وأشنان، وإن اغتسلت من جنابة صبت الماء على رأسها صبا وعصرته فهذا الحديث مع اخراج الضياء له، وهو يشترط الصحة فيما يخرجه يثمر الظن في العمل به. ويحمل هذا على الندب لذكر الخطمي والأشنان، إذ لا قائل بوجوبهما، فهو قرينة على الندب، وحديث أم سلمة محمول على الايجاب، كما قال: إنما يكفيك، فإذا زادت نقض الشعر كان ندبا. ويدل لعدم وجوب النقض ما أخرجه مسلم، وأحمد: أنه بلغ عائشة: أن ابن عمر كان يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن. فقالت: يا عجبا لابن عمر: هو يأمر النساء أن ينقضن شعرهن، أفلا يأمرهن أن يحلقن رؤوسهن، لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله (ص) من إناء واحد، فما أزيد أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات وإن كان حديثها في غسلها من الجنابة. وظاهر ما نقل عن ابن عمر: أنه كان يأمر النساء بالنقض في حيض وجنابة.
(وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله (ص): إني لا أحل المسجد) أي دخوله، والبقاء فيه (لحائض ولا جنب. رواه أبو داود، وصححه ابن خزيمة). ولا سماع لقول ابن الرفعة: إن في رواته متروكا، لأنه قد رد قوله بعض الأئمة.
والحديث دليل على أنه لا يجوز للحائض والجنب دخول المسجد، وهو قول الجمهور، وقال داود وغيره: يجوز، وكأنه بني على البراءة الأصلية، وأن هذا الحديث لا يرفعها. وأما عبورهما المسجد فقيل يجوز لقوله تعالى: * (إلا عابري سبيلا) * في الجنب، وتقاس الحائض عليه، والمراد به: مواضع الصلاة. وأجيب: بأن الآية فيمن أجنب في المسجد فإنه يخرج منه للغسل، وهو خلاف الظاهر وفيها تأويل اخر.
(وعنها) أي: عائشة (قالت كنت أغتسل أنا ورسول الله (ص) من إناء واحد تختلف أيدينا فيه) أي: في الاغتراف منه (من الجنابة) بيان لنغتسل (متفق عليه، وزاد ابن حبان: وتلتقي) أي: تلتقي (أيدينا) فيه. وهو دليل على جواز اغتسال الرجل والمرأة، من ماء واحد، في إناء واحد، والجواز هو الأصل، وقد سلف الكلام في هذا في باب المياه.
(وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): إن تحت كل شعرة جنابة، فاغسلوا الشعر)، لأنه إذا كان تحته جنابة، فبالأولى أنها فيه ففرع غسل الشعر على الحكم بأن تحت كل شعرة جنابة (وانقوا البشر. رواه أبو داود والترمذي، وضعفاه). لأنه عندهما من رواية الحارث بن وجيه: بفتح الواو فجيم فمثناة تحتية. قال أبو داود: وحديثه منكر، وهو ضعيف، وقال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من حديث الحارث وهو شيخ ليس بذاك. وقال الشافعي: هذا الحديث ليس بثابت. وقال البيهقي: أنكره أهل العلم بالحديث: البخاري وأبو داود وغيرهما. ولكن في الباب من حديث علي عليه السلام مرفوعا من ترك موضع شعرة من جنابة لم يغسلها فعل به كذا وكذا، فمن ثم عاديت رأسي، فمن ثم