وقد عارضه أحاديث. أخرج ابن خزيمة، وصححه الترمذي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: نهى رسول الله (ص) عن تناشد الاشعار في المسجد وله شواهد، وجمع بينها وبين حديث الباب: بأن النهي محمول على تناشد أشعار الجاهلية وأهل البطالة، وما لم يكفيه غرض صحيح، والمأذون فيه ما سلم من ذلك، وقيل: المأذون فيه مشروط: بأن لا يكون ذلك مما يشغل من في المسجد.
(وعنه) أي أبي هريرة (قال: قال رسول الله (ص): من سمع رجلا ينشد) بفتح المثناة التحتية وسكون النون وضم الشين المعجمة، من نشد الدابة: إذا طلبها (ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك) عقوبة له، لارتكابه في المسجد ما لا يجوز. وظاهره أنه يقول: جهرا، وأنه واجب (فإن المساجد لم تبن لهذا. رواه مسلم) أي: بل بنيت لذكر الله، والصلاة، والعلم، والمذاكرة في الخير، ونحوه. والحديث دليل: على تحريم السؤال عن ضالة الحيوان في المسجد، وهل يلحق به السؤال عن غيرها من المتاع، ولو ذهب في المسجد؟ قيل: يلحق للعلة، وهي قوله: فإن المساجد لم تبن لهذا، وأن من ذهب له متاع فيه، أو في غيره قعد في باب المسجد: يسأل الخارجين والداخلين إليه. واختلف أيضا في تعليم الصبيان القران في المسجد، وكأن المانع يمنعه لما فيه من رفع الأصوات المنهي عنه في حديث واثلة: جنبوا مساجدكم مجانينكم وصبيانكم ورفع أصواتكم أخرجه عبد الرزاق، والطبراني في الكبير، وابن ماجة.
(وعنه) أي أبي هريرة: (أن رسول الله (ص) قال: إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع) يشتري (في المسجد فقولوا له: لا أربح الله تجارتك. رواه الترمذي، والنسائي، وحسنه). فيه دلالة على تحريم البيع والشراء في المساجد، وأنه يجب على من رأى ذلك فيه أن يقول لكل من البائع والمشتري: لا أربح الله تجارتك، جهرا: زجرا للفاعل لذلك يقول ، والعلة: هي قوله فيما سلف: فإن المساجد لم تبن لذلك وهل ينعقد البيع؟ قال الماوردي: إنه ينعقد اتفاقا.
(وعن حكيم بن حزام) بالحاء المهملة المكسورة والزاي. وحكيم صحابي كان من أشراف قريش في الجاهلية والإسلام: أسلم عام الفتح، عاش مائة وعشرين سنة، ستين في الجاهلية، وستين في الاسلام. وتوفي بالمدينة سنة أربع وخمسين، وله أربعة أولاد صحابيون كلهم: عبد الله، وخالد، ويحيى، وهشام (قال: قال رسول الله (ص): لا تقام الحدود في المساجد ولا يستقاد فيها) أي يقام القود فيها (رواه أحمد، وأبو داود بسند ضعيف)، ورواه الحاكم، وابن السكن، وأحمد بن حنبل، والدارقطني، والبيهقي. وقال المصنف في التلخيص: لا بأس بإسناده. والحديث دليل: على تحريم إقامة الحدود في المساجد، وعلى تحريم الاستفادة فيها.
(وعن عائشة رضي الله عنها قالت: أصيب سعد) هو ابن معاذ بضم الميم