(وعندهما) أي: الشيخين المدلول عليهما بقوله: متفق عليه (من حديث جابر: والعشاء أحيانا يقدمها) أول وقتها وأحيانا يؤخرها) عنه، كما فصله قوله (إذا رآهم) أي الصحابة (اجتمعوا) في أول وقتها (عجل) رفقا بهم (وإذا رآهم أبطأوا) عن أوله (أخر) مراعاة لما هو الأرفق بهم، وقد ثبت عنه: أنه لولا خوف المشقة عليهم لاخر بهم (والصبح كان النبي (ص) يصليها بغلس) الغلس محركة: ظلمة اخر الليل، كما في القاموس، وهو أول الفجر، ويأتي ما يعارضه: في حديث رافع بن خديج.
(ولمسلم) وحده (من حديث أبي موسى: فأقام الفجر حين انشق الفجر والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضا) وهو كما أفاده الحديث الأول.
(وعن رافع بن خديج) بفتح الخاء المعجمة وكسر الدال المهملة، فمثناة تحتية فجيم، ورافع هو أبو عبد الله، ويقال: أبو خديج الخزرجي الأنصاري الأوسي من أهل المدينة. تأخر عن بدر لصغر سنه، وشهد أحدا وما بعدها، أصابه سهم يوم أحد، فقال له النبي (ص) أنا أشهد لك يوم القيامة، وعاش إلى زمان عبد الملك بن مروان، ثم انتقضت جراحته فمات سنة ثلاث، أو أربع وسبعين، وله ست وثمانون سنة، وقيل: زمن يزيد بن معاوية (قال: كنا نصلي المغرب مع النبي (ص) فينصرف أحدنا وإنه ليبصر مواقع نبله) بفتح النون وسكون الموحدة، وهي: السهام العربية، واحد لها من لفظها، وقيل: واحدها نبلة كتمر وتمرة (متفق عليه). والحديث فيه دليل على المبادرة بصلاة المغرب، بحيث ينصرف منها والضوء باق، وقد كثر الحث على المسارعة بها.
(وعن عائشة رضي الله عنها قالت: أعتم) بفتح الهمزة وسكون العين المهملة فمثناة فوقية مفتوحة، يقال: أعتم إذا دخل في العتمة، والعتمة محركة: ثلث الليل الأول بعد غيبوبة الشفق، كما في القاموس (رسول الله (ص) ذات ليلة بالعشاء) أي أخر صلاتها (حتى ذهب عامة الليل) كثير منه، لا أكثره (ثم خرج فصلى، وقال: إنه لوقتها) أي: المختار والأفضل (لولا أن أشق على أمتي) أي لاخرتها إليه (رواه مسلم).
وهو دليل على أن وقت العشاء ممتد، وأن آخره أفضله، وأنه (ص) كان يراعي الأخف على الأمة، وأنه ترك الأفضل وقتا. وهي بخلاف المغرب. فأفضله أوله، وكذلك غيره إلا الظهر أيام الحر، كما يفيد قوله.
(وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): إذا اشتد الحر فأبردوا) بهمزة مفتوحة مقطوعة وكسر الراء (بالصلاة) أي: صلاة الظهر (فإن شدة الحر من فيح جهنم) بفتح الفاء وسكون المثناة التحتية فحاء مهملة، أي: سعة انتشارها وتنفسها (متفق عليه). يقال: أبرد إذا دخل في الظهر، كما يقال أنجد وأتهم إذا بلغ نجدا وتهامة، ذلك في الزمان، وهذا في المكان. والحديث دليل على وجوب الابراد بالظهر عند شدة الحر، لأنه الأصل في الامر، وقيل: إنه للاستحباب