قال: لقيت سبعين رجلا من أصحاب النبي (ص)، وكان من ثقات الشاميين، مات سنة أربع ومائة، وقيل: سنة ثلاث (قال: فضلت سورة الحج بسجدتين. رواه أبو داود في المراسيل) كذا نسبه المصنف إلى مراسيل أبي داود، وهو موجود في سننه مرفوعا: من حديث عقبة بن عامر بلفظ: قلت: يا رسول الله في سورة الحج سجدتان؟ قال: نعم، ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما. فالعجب كيف نسبه المصنف إلى المراسيل مع وجوده في سننه مرفوعا؟ ولكنه قد وصل في.
(ورواه أحمد والترمذي موصولا من حديث عقبة بن عامر، وزاد) أي الترمذي في روايته: (فمن لم يسجدها فلا يقرأها) بضمير مفرد: أي السورة، أو اية السجدة ويراد الجنس (وسنده ضعيف)، لان فيه ابن لهيعة. قيل: إنه تفرد به، وأيده الحاكم: بأن الرواية صحت فيه من قول عمر، وابنه، وابن مسعود، وابن عباس، وأبي الدرداء، وأبي موسى، وعمار، وساقها موقوفة عليهم، وأكده البيهقي بما رواه في المعرفة: من طريق خالد بن معدان. وفي الحديث رد على أبي حنيفة وغيره ممن قال: إنه ليس بواجب، كما قال: إنه ليس في سورة الحج إلا سجدة واحدة في الأخيرة منها، وفي قوله: فمن لم يسجدها فلا يقرأها تأكيد لشرعية السجود فيها، ومن قال بإيجابه، فهو من أدلته، ومن قال: ليس بواجب، قال: لما ترك السنة، وهو سجود التلاوة بفعل المندوب، وهو القران، كان الأليق الاعتناء بالمسنون وأن لا يتركه، فإذا تركه، فالأحسن له أن لا يقرأ السورة.
(وعن عمر رضي الله عنه قال: يا أيها الناس إنا نمر بالسجود) أي بآيته (فمن سجد، فقد أصاب) أي السنة (ومن لم يسجد، فلا إثم عليه. رواه البخاري. وفيه) أي البخاري عن عمر: (إن الله لم يفرض السجود) أي لم يجعله فرضا (إلا أن نشاء، وهو في الموطأ). فيه دلالة على أن عمر كان لا يرى وجوب سجود التلاوة، واستدل بقوله: إلا أن نشاء: أن من شرع في السجود وجب عليه إتمامه، لأنه مخرج من بعض حالات عدم فرضية السجود.
وأجيب: بأنه استثناء منقطع، والمراد: ولكن ذلك موكول إلى مشيئتنا.
(وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان النبي (ص) يقرأ علينا القران، فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا معه. رواه أبو داود بسند فيه لين). لأنه من رواية عبد الله المكبر العمري وهو ضعيف، وأخرجه الحاكم من رواية عبيد الله المصغر وهو ثقة. وفي الحديث دلالة على التكبير، وأنه مشروع، وكان الثوري يعجبه هذا الحديث. قال أبو داود: يعجبه، لأنه كبر، وهل هو تكبير الافتتاح، أو النقل؟ الأول أقرب، ولكنه يجتزئ بها عن تكبيرة النقل، لعدم ذكر تكبيرة أخرى، وقيل: يكبر له، وعدم الذكر ليس دليلا، قال بعضهم: ويتشهد ويسلم، قياسا للتحليل على التحريم، وأجيب: بأنه لا يجزئ هذا القياس، فلا دليل على ذلك. وفي الحديث دليل: على مشروعية سجود التلاوة للسامع، لقوله: وسجدنا، وظاهره سواء كانا مصليين معا، أو أحدهما في الصلاة. وقالت الهادوية: إذا كانت الصلاة فرضا أخرها حتى يسلم.
قالوا: لأنها زيادة عن الصلاة فتفسدها، ولما رواه نافع عن ابن عمر أنه قال: كان رسول الله (ص) يقر علينا السورة في غير الصلاة، فيسجد، ونسجد معه أخرجه أبو داود.