بقاء بلا فناء، وغناء بلا فقر، وعز بلا ذل، وصحة بلا سقم (على نبيه) يتنازع فيه المصدران قبله. والنبي من النبوة وهي الرفعة فعيل بمعنى مفعل: أي المنى عن الله بما تسكن إليه العقول الزاكية. والنبوة سفارة بين الله وبين ذوي العقول من عباده لإزاحة عللهم في معاشهم ومعادهم (ورسوله) في الشرح النبوي في لسان الشرع عبارة عن انسان أنزل عليه شريعة من عند الله بطريق الوحي، فإذا أمر بتبليغها إلى الغير سمى رسولا. وفى أنوار التنزيل: الرسول من بعثه الله بشريعة مجددة يدعو الناس إليها والنبي أعم منه، والإضافة إلى ضميره تعالى في رسول وما قبله عهدية، إذا المعهود هو محمد (ص) وزاده بيانا قوله (محمد) فإنه عطف بيان على نبيه وهو علم مشتق من حمد مجهول مشدد العين أي كثير الخصال التي يحمد عليها أكثر مما يحمد غيره من البشر، فهو أبلغ من محمود لان هذا مأخوذ من المزيد وذاك من الثلاثي، وأبلغ من أحمد لأنه أفعل تفضيل مشتق من الحمد. وفيه قولان: هل هو أكثر حامدية لله تعالى فهو أحمد الحامدين لله؟ أو هو بمعنى أكثر محمودية فيكون كمحمد في معناه؟
وفى المسألة خلاف وجدال والمختار ما ذكرناه أولا وقرره المحققون وأطال فيه ابن القيم في أوائل زاد المعاد (وآله) والدعاء للآل بعد الدعاء له (ص) امتثالا الحديث التعليم وسيأتي في الصلاة وللوجه الذي سنذكره قريبا (وصحبه) اسم جمع لصاحب. وفى المراد بهم أقوال اختار المصنف في نخبة الفكر أن الصحابي من لقي النبي (ص) وكان مؤمنا ومات على الاسلام. ووجه الثناء عليهم وعلى الال بالدعاء لهم هو الوجه في الثناء عليه (ص) بعد الثناء على الرب لأنهم الواسطة في إبلاغ الشرائع إلى العباد فاستحقوا الاحسان إليهم بالدعاء لهم (الذين ساروا في نصرة دينه) هو صفة للفريقين الال والأصحاب. والسير مراد به هنا الجد والاجتهاد والنصر. والنصرة العون. والدين وضع إلهي يدعو أصحاب العقول إلى القبول لما جاء به الرسول، والمراد أنهم أعانوا صاحب الدين المبلغ وهو الرسول. وفى وصفهم بهذا إشارة إلى أنهم استحقوا الذكر والدعاء بذلك (سيرا) مصدر نوعي لوصفه بقوله (حثيثا) فان المصدر إذا أضيف أو وصف كان للنوع والحثيث السريع كما في القاموس وفى نسخة (في صحبته) وهو عوض من قوله في نصرة دينه (وعلى أتباعهم) أتباع: الآل والأصحاب (الذين ورثوا علمهم) وهو علم الكتاب والسنة (والعلماء ورثة الأنبياء) وهو اقتباس من حديث العلماء ورثة الأنبياء أخرجه أبو داود وقد ضعف وإليه أشار بعض علماء الآل بقوله:
العلم ميراث النبي كذا أتى * في النص والعلماء هم وراثه ما خلف المختار غير حديثه * فينا فذاك متاعه وأثاثه (أكرم) فعل تعجب (بهم) فاعله والباء زائدة أو مفعول به وفيه ضمير فاعله (وارثا) نصب على التمييز وهو ناظر إلى الاتباع، ثم قال (ومورثا) ناظر إلى من تقدمهم. وفيه من البديع اللف والنشر مشوشا ويحتمل عود الصفتين إلى الكل من الآل والأصحاب والاتباع، فان الآل والأصحاب ورثوا علم رسول الله (ص) وورثوه الاتباع فهم وارثون وموروثون