روى الطبراني من حديث طارق بن شهاب عن ابن عمر قال: عاد رسول الله (ص) مريضا فذكره، وفي إسناده ضعف. والحديث دليل على أنه لا يتخذ المريض ما يسجد عليه، حيث تعذر سجوده على الأرض، وقد أرشده إلى أنه يفصل بين ركوعه وسجوده، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه، فإن تعذر عليه القيام والركوع، فإنه يومئ من قعود لهما، جاعلا الايماء بالسجود أخفض من الركوع، أو لم يتعذر عليه القيام، فإنه يومئ للركوع من قيام، ثم يقعد ويومئ للسجود من قعود، وقيل في هذه الصورة: يومئ لهما من قيام ويقعد للتشهد، وقيل: يومئ لهما كليهما من القعود، ويقوم للقراءة، وقيل: يسقط عنه القيام ويصلي قاعدا، فإن صلى قائما جاز، وإن تعذر عليه القعود أومأ لهما من قيام.
باب سجود السهو وغيره من سجود التلاوة والشكر (وعن عبد الله بن بحينة رضي الله عنه) تقدم ضبطه وترجمته، وتكرر على الشارح ترجمته فأعادها هنا (أن النبي (ص) صلى بهم الظهر فقام في الركعتين الأوليين) بالمثناتين التحتيتين (ولم يجلس) هو تأكيد لقام من باب: أقول له: ارحل لا تقيمن عندنا (فقام الناس معه حتى إذا قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه، كبر وهو جالس وسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم سلم. أخرجه السبعة وهذا لفظ البخاري). الحديث: دليل على أن ترك التشهد الأول سهوا يجبره سجود السهو، وقوله (ص) : صلوا كما رأيتموني أصلي يدل على وجوب التشهد الأول، وجبرانه هنا عند تركه: دل على أنه وإن كان واجبا، فإنه يجبر بسجود السهو، والاستدلال على عدم وجوبه: بأنه لو كان واجبا لما جبره السجود، إذ حق الواجب أن يفعل بنفسه - لا يتم، إذ يمكن أنه كما قال أحمد بن حنبل: واجب، ولكنه إن ترك سهوا جبره سجود السهو. وحاصله أنه لا يتم الاستدلال على عدم وجوبه، حتى يقوم الدليل على أن كل واجب لا يجزئ عنه سجود السهو إن ترك سهوا.
وقوله: كبر دليل على شرعية تكبيرة الاحرام لسجود السهو، وأنها غير مختصة بالدخول في الصلاة، وأنه يكبرها، وإن كان لم يخرج من صلاته بالسلام منها. وأما تكبيرة النقل فلم تذكر هنا، ولكنها ذكرت في قوله: (وفي رواية لمسلم) أي عند عبد الله بن بحينة: (يكبر في كل سجدة وهو جالس ويسجد، ويسجد معه الناس) فيه دليل على شرعية تكبير النقل، كما سلف في الصلاة، وقوله: (مكان ما نسي من الجلوس) كأنه عرف الصحابي ذلك من قرينة الحال، فهذا لفظ مدرج من كلام الراوي، ليس حكاية لفعله (ص) الذي شاهده، ولا لقوله (ص). ثم فيه دليل: على أن محل مثل هذا السجود قبل السلام، ويأتي ما يخالفه والكلام عليه. وفي رواية مسلم دلالة: على وجوب متابعة الامام. وفي الحديث دلالة أيضا: على وجوب متابعته، وإن ترك ما هذا حاله، فإنه (ص) أقرهم على