يذكره للاتفاق على ضعفه. قال النووي: الأدعية في أثناء الوضوء لا أصل لها، ولم يذكرها المتقدمون. وقال ابن الصلاح: لم يصح فيه حديث. هذا، ولا يخفى حسن ختم المصنف باب الوضوء بهذا الدعاء الذي يقال عند تمام الوضوء فعلا، فقاله عند تمام أدلته تأليفا، وعقب الوضوء بالمسح على الخفين، لأنه من أحكام الوضوء فقال:
باب المسح على الخفين أي باب ذكر أدلة شرعية ذلك. والخف: نعل من أدم يغطي الكعبين. والجرموق:
خف كبير يلبس فوق خف صغير. والجورب فوق الجرموق يغطي الكعبين بعض التغطية دون النعل، وهي تكون دون الكعاب.
(عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: كنت مع النبي (ص) أي: في سفر، كما صرح به البخاري. وعند مالك وأبي داود تعيين السفر: أنه في غزوة تبوك، وتعيين الصلاة: أنها صلاة الفجر (فتوضأ) أي أخذ في الوضوء، كما صرحت به الأحاديث، ففي لفظ: تمضمض واستنشق ثلاث مرات وفي أخرى: فمسح برأسه، فالمراد بقوله: توضأ أخذ فيه، لا أنه استكمله، كما هو ظاهر اللفظ (فأهويت) أي مددت يدي، أو قصدت الهوى من القيام إلى القعود (لأنزع خفيه) كأنه لم يكن قد علم برخصة المسح، أو علمها وظن أنه (ص) سيفعل الأفضل، بناء على أن الغسل أفضل، ويأتي فيه الخلاف، أو جوز أنه لم يحصل شرط المسح، وهذا الأخير أقرب لقوله: (فقال: دعهما) أي الخفين (فإني أدخلتهما طاهرتين) حال من القدمين، كما تبينه رواية أبي داود: فإني أدخلت القدمين الخفين وهما طاهرتان (فمسح عليهما. متفق عليه) بين الشيخين. ولفظه هنا للبخاري.
وذكر البزار: أنه روى عن المغيرة من ستين طريقا، وذكر منها ابن منده: خمسة وأربعين طريقا.
والحديث دليل على جواز المسح على الخفين في السفر، لان هذا الحديث ظاهر فيه كما عرفت وأما في الحضر، فيأتي الكلام عليه في الحديث الثالث. وقد اختلف العلماء في جواز ذلك، فالأكثر على جوازه سفرا، لهذا الحديث وحضرا لغيره من الأحاديث. قال أحمد بن حنبل: فيه أربعون حديثا عن الصحابة مرفوعة. وقال ابن أبي حاتم: فيه عن أحد وأربعين صحابيا، وقال ابن عبد البر في الاستذكار: روى عن النبي (ص) المسح على الخفين نحو من أربعين من الصحابة. ونقل ابن المنذر عن الحسن البصري قال: حدثني سبعون من أصحاب رسول الله (ص): أنه كان يمسح على الخفين. وذكر أبو القاسم بن منده: أسماء من رواه من تذكرته فبلغوا ثمانين صحابيا. والقول بالمسح: قول أمير المؤمنين علي عليه السلام، وسعد بن أبي وقاص، وبلال، وحذيفة، وبريدة، وخزيمة بن ثابت، وسلمان، وجرير البجلي، وغيرهم.
قال ابن المبارك: ليس في المسح على الخفين بين الصحابة اختلاف، لان كل من روى عنه إنكاره، فقد روى عنه إثباته. وقال ابن عبد البر: لا أعلم أنه روى عن أحد من السلف إنكاره، إلا عن مالك، مع أن الرواية الصحيحة عنه مصرحة بإثباته. قال المصنف: قد صرح جمع من