معلوم: أن وجوبها خاص بالدخول في الصلاة أول ركعة. ودل على إيجاب القراءة في كل ركعة، وعلى ما عرفت من تفسير ما تيسر بالفاتحة، فتجب الفاتحة في كل ركعة، وتجب قراءة ما شاء معها في كل ركعة، ويأتي الكلام على إيجاب ما عدا الفاتحة في الاخرتين، والثالثة من المغرب.
واعلم أن هذا حديث جليل، تكرر من العلماء الاستدلال به على وجوب كل ما ذكر فيه، وعدم وجوب كل ما لم يذكر فيه. أما الاستدلال على أن كل ما ذكر فيه واجب، فلانه ساقه (ص) بلفظ الامر بعد قوله: لن تتم الصلاة إلا بما ذكر فيه. وأما الاستدلال بأن كل ما لم يذكر فيه لا يجب، فلان المقام مقام تعليم الواجبات في الصلاة. فلو ترك ذكر بعض ما يجب: لكان فيه تأخير البيان عن وقت الحاجة، وهو لا يجوز بالاجماع. فإذا حصرت ألفاظ هذا الحديث الصحيح أخذ منها بالزائد، ثم إن عارض الوجوب الدال عليه ألفاظ هذا الحديث، أو عدم الوجوب: دليل أقوى منه عمل به، وإن جاءت صيغة أمر بشئ لم يذكر في هذا الحديث، احتمل أن يكون هذا الحديث قرينة على حمل الصيغة على الندب، واحتمل البقاء على الظاهر، فيحتاج إلى مرجح للعمل به. ومن الواجبات المتفق عليها، ولم تذكر في هذا الحديث: النية. قلت: كذا في الشرح. ولقائل أن يقول: قوله: إذا قمت إلى الصلاة دال على إيجابها إذ ليس النية إلا القصد إلى فعل الشئ. وقوله: فتوضأ: أي قاصدا له. ثم قال:
والقعود الأخير: أي من الواجب المتفق عليه ولم يذكره في الحديث، ثم قال: ومن المختلف فيه التشهد الأخير، والصلاة على النبي (ص) فيه، والسلام في اخر الصلاة.
(وعن أبي حميد) بصيغة التصغير (الساعدي) هو أبو حميد بن عبد الرحمن بن سعد الأنصاري الخزرجي، الساعدي منسوب إلى ساعدة، وهو أبو الخزرج المدني، غلب عليه كنيته، مات اخر ولاية معاوية. (قال: رأيت رسول الله (ص) إذا كبر) أي للاحرام (جعل يديه) أي كفيه (حذو:) بفتح الحاء المهملة وسكون الذال المعجمة (منكبيه) وهذا هو رفع اليدين عند تكبيرة الاحرام (وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه) تقدم بيانه: في رواية أحمد لحديث المسئ صلاته: فإذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك، وامدد ظهرك، ومكن ركوعك (ثم هصر) بفتح الهاء فصاد مهملة مفتوحة فراء (ظهره) قال الخطابي: أي ثناه في استواء من غير تقويس، وفي رواية للبخاري:
ثم حنى بالحاء المهملة والنون وهو بمعناه، وفي رواية: غير مقنع رأسه ولا مصوبه، وفي رواية: وفرج بين أصابعه (فإذا رفع رأسه) أي من الركوع (استوى) زاد أبو داود: - فقال: سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد ورفع يديه، وفي رواية لعبد الحميد زيادة: حتى يحاذي بهما منكبيه معتدلا (حتى يعود كل فقار) بفتح الفاء والقاف اخره راء جمع فقارة، وهي عظام الظهر، وفيها رواية بتقديم القاف على الفاء (مكانه) وهي التي عبر عنها في حديث رفاعة بقوله: حتى ترجع العظام (فإذا سجد وضع يديه غير مفترش