يجافي بيديه، فلو أن بهيمة أرادت أن تمر مرت. وظاهر الحديث الأول، وهذا، مع قوله (ص): صلوا كما رأيتموني أصلي يقتضي الوجوب، ولكنه قد أخرج أبو داود من حديث أبي هريرة: ما يدل على أن ذلك غير واجب بلفظ: شكا أصحاب النبي (ص) له مشقة السجود عليهم إذا تفرجوا، فقال: استعينوا بالركب " وترجم له : (الرخصة في ترك التفريج) قال ابن عجلان أحد رواته وذلك أن يضع مرفقيه على ركبتيه إذا أطال السجود، وقوله: حتى يرى بياض إبطيه ليس فيه، كما قيل دلالة: على أنه لم يكن (ص) لابسا القميص، لأنه وإن كان لابسا فإنه قد يبدو منه أطراف إبطيه، لأنها كانت أكمام قمصان أهل ذلك العصر غير طويلة، فيمكن أن يرى الإبط من كمها، ولا دلالة فيه: على أنه لم يكن على إبطيه شعر، كما قيل، لأنه يمكن أن المراد يرى أطراف إبطيه، لا باطنهما حيث الشعر، فإنه لا يرى إلا بتكلف، وإن صح ما قيل: إن من خواصه أنه ليس على إبطيه شعر، فلا إشكال.
(وعن البراء) بفتح الموحدة فراء، وقيل: بالقصر ثم همزة ممدودة، هو أبو عمارة في الأشهر، وهو (ابن عازب) بعين مهملة فزاي بعد الألف مكسورة فموحدة: ابن الحرث الأوسي الأنصاري الحارثي، أول مشهد شهده الخندق، نزل الكوفة، وافتتح الري سنة أربع وعشرين في قول، وشهد مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الجمل، وصفين، والنهروان. مات بالكوفة أيام مصعب بن الزبير (قال: قال رسول الله (ص):
إذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك. رواه مسلم). الحديث دليل على وجوب هذه الهيئة للامر بها، وحمله العلماء على الاستحباب، قالوا: والحكمة فيه: أنه أشبه بالتواضع، وأتم في تمكين الجبهة والأنف من الأرض، وأبعد من هيئة الكسالى، فإن المنبسط يشبه الكلب، ويشعر حاله بالتهاون بالصلاة، وقلة الاعتناء بها، والاقبال عليها. وهذا في حق الرجل، لا المرأة، فإنها تخالفه في ذلك، لما أخرجه أبو داود في مراسيله عن زيد بن أبي حبيب: أن النبي (ص) مر على امرأتين تصليان، فقال: إذا سجدتما فضما بعض اللحم إلى الأرض، فإن المرأة في ذلك ليست كالرجل قال البيهقي: وهذا المرسل أحسن من موصولين فيه:
يعني: من حديثين موصولين، ذكرهما البيهقي في سننه، وضعفهما. ومن السنة: تفريج الأصابع في الركوع، لما رواه أبو داود من حديث أبي حميد الساعدي: أنه كان (ص) يمسك يديه على ركبتيه كالقابض عليهما ويفرج بين أصابعه ومن السنة في الركوع: أن يوتر يديه، فيجافي عن جنبيه، كما في حديث أبي حميد عند أبي داود بهذا اللفظ، ورواه ابن خزيمة: ونحى يديه عن جنبيه وتقدم قريبا، وذكر المصنف: حديث ابن بحينة هذا الذي ذكره في بلوغ المرام: في التلخيص مرتين. أولا: في وصف ركوعه، وثانيا: في وصف سجوده، دليلا على التفريج في الركوع، وهو صحيح، فإنه قال: إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بيا ض إبطيه، فإنه يصدق على حالة الركوع والسجود.
(وعن وائل بن حجر: أن النبي (ص) كان إذا ركع فرج بين