السبابة من ناحية الابهام. وللتسعين: عطف السبابة إلى أصل الابهام، وضمها بالابهام. وأما المئين فكالآحاد إلى تسعمائة في اليد اليسرى، والألوف كالعشرات في اليسرى.
(وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: التفت إلينا رسول الله (ص) فقال: إذا صلى أحدكم فليقل التحيات) جمع تحية، ومعناها: البقاء والدوام، أو العظمة، أو السلامة من الآفات، أو كل أنواع التعظيم (لله والصلوات) قيل الخمس، أو ما هو أعم من الفرض والنفل، أو العبادات كلها، أو الدعوات، أو الرحمة، وقيل: التحيات:
العبادات القولية، والصلوات: العبادات الفعلية (والطيبات) أي: ما طاب من كلام وحسن أن يثني به على الله، أو ذكر الله، أو الأقوال الصالحة، أو الأعمال الصالحة، أو ما هو أعم من ذلك، وطيبها كونها كاملة خالصة عن الشوائب، والتحيات مبتدأ خبرها لله، والصلوات والطيبات عطف عليه، وخبرهما محذوف، وفيه تقادير أخر. (السلام) أي السلام الذي يعرفه كل أحد (عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) خصوه (ص) أولا بالسلام عليه لعظم حقه عليهم، وقدموه على التسليم على أنفسهم، لذلك، ثم أتبعوه بالسلام عليهم في قولهم:
(السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) وقد ورد: أنه يشمل كل عبد صالح في السماء والأرض، وفسر الصالح: بأنه القائم بحقوق الله، وحقوق عباده، ودرجاتهم متفاوتة. (أشهد أن لا إله إلا الله) لا مستحق للعبادة بحق غيره، فهو قصر إفراد: لان المشركين كانوا يعبدونه، ويشركون معه غيره (وأشهد أن محمدا عبده ورسوله) هكذا هو بلفظ عبده ورسوله في جميع روايات الأمهات الست، ووهم ابن الأثير في جامع الأصول، فساق حديث ابن مسعود بلفظ: (وأن محمدا رسول الله) ونسبه إلى الشيخين، وغيرهما، وتبعه على وهمه صاحب تيسير الوصول، وتبعهما على الوهم: الجلال في ضوء النهار، وزاد: أنه لفظ البخاري، ولفظ البخاري كما قاله المصنف، فتنبه. (ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو. متفق عليه واللفظ للبخاري) قال البزار: أصح حديث عندي في التشهد حديث ابن مسعود، يروى عنه من نيف وعشرين طريقا، ولا نعلم روى عن النبي (ص) في التشهد أثبت منه، ولا أصح إسنادا، ولا أثبت رجالا، ولا أشد تظافرا بكثرة الأسانيد والطرق. وقال مسلم:
إنما أجمع الناس على تشهد ابن مسعود، لان أصحابه لا يخالف بعضهم بعضا، وغيره قد اختلف عنه أصحابه. وقال محمد بن يحيى الذهلي: هو أصح ما روى في التشهد. وقد روى حديث التشهد أربعة وعشرون صحابيا، بألفاظ مختلفة، اختار الجماهير منها حديث ابن مسعود.
والحديث فيه دلالة على وجوب التشهد لقوله: فليقل، وقد ذهب إلى وجوبه أئمة الال، وغيرهم من العلماء، وقالت طائفة: إنه غير واجب لعدم تعليمه المسئ صلاته. ثم اختلفوا في الألفاظ التي تجب عند من أوجبه، أو عند من قال: إنه سنة. وقد سمعت أرجحية حديث ابن مسعود، وقد اختاره الأكثر، فهو الأرجح. وقد رجح جماعة غيره من ألفاظ التشهد الواردة عن الصحابة، وزاد ابن أبي شيبة قول: وحده لا شريك له في حديث ابن مسعود