لان ما يكون من عنده تعالى لا تحيط بوصفه عبارة (وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم) توسل إلى نيل مغفرة الله ورحمته بصفتي غفرانه، ورحمته (متفق عليه). الحديث دليل على شرعية الدعاء في الصلاة على الاطلاق من غير تعيين محل له، ومن محلاته بعد التشهد، والصلاة عليه (ص)، والاستعاذة لقوله: فليتخير من الدعاء ما شاء والاقرار بظلم نفسه: اعتراف بأنه لا يخلو أحد من البشر عن ظلم نفسه: بارتكابه ما نهى عنه، أو تقصيره عن أداء ما أمر به.
وفيه: التوسل إلى الله تعالى بأسمائه عند طلب الحاجات، واستدفاع المكروهات، وأنه يأتي من صفاته في كل مقام ما يناسبه، كلفظ الغفور الرحيم عند طلب المغفرة، ونحو: * (وارزقنا وأنت خير الرازقين) * عند طلب الرزق. والقران، والأدعية النبوية: مملوءة بذلك. وفي الحديث دليل على طلب التعليم من العالم، سيما في الدعوات المطلوب فيها جوامع الكلم.
واعلم أنه قد ورد في الدعاء بعد التشهد ألفاظ غير ما ذكر. أخرج النسائي عن جابر: أنه (ص) كان يقول في صلاته بعد التشهد: أحسن الكلام كلام الله، وأحسن الهدي هدى محمد، وأخرج أبو داود عن ابن مسعود: أنه (ص) كان يعلمهم من الدعاء بعد التشهد: اللهم ألف على الخير بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، ونجنا من الظلمات إلى النور، وجنبنا الفواحش والفتن: ما ظهر منها وما بطن، وبارك لنا في أسماعنا، وأبصارنا، وقلوبنا، وأزواجنا، وذرياتنا، وتب علينا، إنك أنت التواب الرحيم، واجعلنا شاكرين لنعمتك، مثنين بها، قابليها، وأتمها علينا أخرجه أبو داود. وأخرج أبو داود أيضا، عن بعض الصحابة: أنه (ص) قال لرجل: كيف تقول في الصلاة؟ قال: أتشهد، ثم أقول: اللهم إني أسألك الجنة، وأعوذ بك من النار، أما إني لا أحسن دندنتك، ولا دندنة معاذ، فقال (ص): حول ذلك ندندن أنا، ومعاذ ففيه أنه يدعو الانسان بأي لفظ شاء: من مأثور، وغيره.
(وعن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: صليت مع النبي (ص)، فكان يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته رواه أبو داود بإسناد صحيح). هذا الحديث أخرجه أبو داود من حديث علقمة بن وائل عن أبيه، ونسبه المصنف في التلخيص إلى عبد الجبار بن وائل، وقال: لم يسمع من أبيه، فأعله بالانقطاع، وهنا قال: صحيح، وراجعنا سنن أبي داود، فرأيناه رواه عن علقمة بن وائل عن أبيه، وقد صح سماع علقمة عن أبيه، فالحديث سالم عن الانقطاع، فتصحيحه هنا هو الأولى، وإن خالف ما في التلخيص. وحديث التسليمتين رواه خمسة عشر من الصحابة بأحاديث مختلفة، ففيها صحيح، وحسن، وضعيف، ومتروك، وكلها بدون زيادة: وبركاته إلا في رواية وائل هذه، ورواية عن ابن مسعود. وعند ابن ماجة، وعند ابن حبان، ومع صحة إسناد حديث وائل، كما قال المصنف هنا: يتعين قبول زيادته، إذ هي زيادة عدل، وعدم ذكرها في رواية غيره ليست رواية لعدمها. قال الشارح: إنه لم ير من قال وجوب زيادة وبركاته، إلا أنه قال: قال الامام يحيى: إذا زاد وبركاته ورضوانه وكرامته