عمران بن حصين، قال: سلم رسول الله (ص) في ثلاث ركعات من العصر، ثم دخل، فقام إليه رجل يقال له: الخرباق، كان طويل اليدين. إلى قوله: فقال: أصدق؟ فقالوا:
نعم، فصلى تلك الركعة، ثم سجد سجدتيها، ثم سلم انتهى. ويحتمل أنها تعددت القصة. وفي الحديث: دليل أنه يستحب عقيب الصلاة، كما تدل له الفاء وفيه تصريح بالتشهد، قيل: ولم يقل أحد: بوجوبه، ولفظ تشهد: يدل أنه أتى بالشهادتين، وبه قال بعض العلماء، وقيل : - يكفي التشهد الأوسط، واللفظ في الأول أظهر، وفيه دليل على شرعية التسليم، كما تدل له رواية عمران بن حصين التي ذكرناها، لا الرواية التي أتى بها المصنف، فإنها ليست بصريحة:
أن التسليم كان لسجدتي السهو، فإنها تحتمل أنه لم يكن سلم للصلاة، وأنه سجد لها قبل السلام ، ثم سلم تسليم الصلاة.
(وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص):
إذا شك أحدكم في صلاته، فلم يدر كم صلى أثلاثا أم أربعا؟ فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسا) في رباعية (شفعن) أي السجدتان (له صلاته) صيرنها شفعا، لان السجدتين قامتا مقام ركعة، وكأن المطلوب من الرباعية: الشفع، وإن زادت على الأربع (وإن كان صلى تماما كانتا ترغيما للشيطان) أي إلصاقا لأنفه بالرغام، والرغام: بزنة غراب: التراب، وإلصاق الانف به في قولهم رغم أنفه: كناية عن إذلاله وإهانته، والمراد: إهانة الشيطان حيث لبس عليه صلاته (رواه مسلم). الحديث فيه دلالة على أن الشاك في صلاته يجب عليه البناء على اليقين عنده، ويجب عليه أن يسجد سجدتين، وإلى هذا ذهب جماهير العلماء، ومالك، والشافعي، وأحمد.
وذهب الهادوية، وجماعة من التابعين: إلى وجوب الإعادة عليه حتى يستيقن، وقال بعضهم:
يعيد ثلاث مرات، فإذا شك في الرابعة فلا إعادة عليه. والحديث مع الأولين. والحديث ظاهر في أن هذا حكم الشاك مطلقا: مبتدأ كان أو مبتلي. وفرق الهادوية بينهم، فقالوا: في الأول يجب عليه الإعادة، وفي الثاني يتحرى بالنظر في الامارات، فإن حصل له ظن التمام، أو النقص عمل به، وإن كان النظر في الامارات لا يحصل له بحسب العادة شيئا، فإنه يبني على الأقل، كما في هذا الحديث، وإن كان عادته أن يفيده النظر الظن، ولكنه لم يفده في هذه الحالة، وجب عليه أيضا الإعادة، وهذا التفصيل يرد عليه هذا الحديث الصحيح، ويرد عليه أيضا حديث عبد الرحمن بن عوف عند أحمد قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة صلى، أو اثنتين، فليجعلها واحدة، وإذا لم يدر اثنتين صلى، أو ثلاثا، فليجعلها اثنتين، وإذا لم يدر ثلاثة صلى، أو أربعا، فليجعلها ثلاثا، ثم يسجد - إذا فرغ من صلاته، وهو جالس قبل أن يسلم سجدتين.
(وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: صلى رسول الله (ص)) أي:
إحدى الرباعيات خمسا، وفي رواية: أنه قال إبراهيم النخعي: زاد أو نقص (فلما سلم قيل له: